للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَفسيرُ العاقِلِ: أنْ يَعلَمَ أنَّ البَيعَ سالِبٌ، والشِّراءَ جالِبٌ، ويَعلَمَ أنَّه لا يَجتمِعُ الثَّمنُ والمُثمَّنُ في مِلكٍ واحِدٍ، ومِن عَلامةِ كَونِه غيرَ عاقِلٍ إذا أعطَى الحَلوانيَّ فُلوسًا فأخَذ الحَلوَى وجعَل يَبكي ويَقولُ: أعطِني فُلوسي، فهذا عَلامةُ كَونِه غيرَ عاقِلٍ، وإنْ أخَذ الحَلوَى وذهَب ولَم يَسترِدَّ الفُلوسَ فهو عاقِلٌ.

والمُرادُ مِنْ عَدَمِ الجَوازِ عَدَمُ النَّفاذِ إلَّا بإذْنِ وَلِيِّه، لا عَدَمُ الِانعِقادِ.

ولا يَجوزُ تَصرُّفُ المَجنونِ المَغلوبِ على عَقلِه بحالٍ، سَواءٌ أُذِنَ له فيه أو لا، والمُرادُ به الذي لا يُفيقُ أصلًا، أمَّا إذا كانَ يُفيقُ ويَعقِلُ في حالِ إفاقَتِه فتَصرُّفُه في حالِ إفاقَتِه جائِزٌ.

وَحُكمُ المَعتوهِ كالمَجنونِ، والمَعتوهُ هو مَنْ كانَ قَليلَ الفَهمِ مُختلِطَ الكَلامِ فاسِدَ التَّدبيرِ، إلَّا أنَّه لا يَضرِبُ ولا يَشتُمُ كما يَفعَلُ المَجنونُ.

وَكذلك لا يَصحُّ بَيعُ مَنْ كانَ مَريضًا وفاقِدًا عَقلَه فَقدًا تامًّا، ولو تَسلَّمَ المُشتَرِي المَبيعَ. أمَّا بَيعُ المَجنونِ جُنونًا غيرَ مُطبِقٍ فصَحيحٌ.

وَمَنْ باعَ مِنْ هَؤُلاءِ شَيئًا، أو اشتَراه وهو يَعقِلُ العَقدَ ويَقصِدُه -أي: ليسَ بهازِلٍ ولا مخطِئٍ، فإنَّ بَيعَ الهازِلِ لا يَصحُّ، وإنْ أجازَه الوَليُّ- فالوَليُّ بالخِيارِ، إنْ شاءَ أجازَه إذا كانَ فيه مَصلَحةٌ، وإنْ شاءَ فسَخه ويَحترِزُ مِنْ الغَبنِ الفاحِشِ؛ فإنَّه لا يَجوزُ، وإنْ أجازَه الوَليُّ، بخِلافِ الغَبنِ اليَسيرِ (١).


(١) «المبسوط» (٢٥/ ٢٠، ٢٢)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ١٣٥)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٢٣٥، ٢٤٠)، و «الاختيار» (٢/ ١١٣، ١١٤)، و «اللباب» (١/ ٤٤٠، ٤٤٣)، و «العناية» (١٣/ ٢٣٥)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٤٠٩)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ١٩١)، و «رد المحتار» (٦/ ٣٧٣)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>