للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِنَفْسَيْهما ولا لِغيرِهما، سَواءٌ أكانَ الصَّبيُّ مُميِّزًا أم غيرَ مُميِّزٍ، باشَرَ بإذْنِ الوَليِّ أو بغيرِ إذْنِه، وسَواءٌ أكانَ بَيعَ الِاختِبارِ أو غيرَه.

وَبَيعُ الِاختِبارِ هو الذي يَمتحِنُه الوَليُّ به لِيَستَبينَ رُشدَه عندَ مُناهَزةِ الِاحتِلامِ، ولكنْ يُفوَّضُ إليه الِاستيامُ وتَدبيرُ العَقلِ، فإذا انتَهَى الأمْرُ إلى اللَّفظِ أتَى به الوَليُّ، وفي وَجْهٍ ضَعيفٍ يَصحُّ مِنه بَيعُ الاختِبارِ (١).

والقَولُ الثَّاني: أنَّه يَنعقِدُ بَيعُ الصَّبيِّ، لكنَّه لا يَلزَمُه إلَّا برِضا الوَليِّ، وهو قَولُ المالِكيَّةِ؛ فإنَّهم قالوا: يُشترَطُ في لُزومِ البَيعِ أنْ يَكونَ عاقِدُه مُكلَّفًا، فلو باعَ الصَّبيُّ المُميِّزُ أو اشتَرَى انعقَد بَيعُه وشِراؤُه، ولكنَّه لا يَلزَمُه، ولِوَليِّه النَّظَرُ في إمضائِه ورَدِّه بما يَراه الأصلَحَ لِلصَّبيِّ، ما لَم يَكُنِ الصَّبيُّ وَكيلًا عن مُكلَّفٍ، وإلَّا لزِم؛ لأنَّ البَيعَ في الحَقيقةِ عن المُوكِّلِ (٢).

القَولُ الثَّالثُ: قَولُ الحَنفيَّةِ، فقد فَرَّقوا بينَ الصَّبيِّ الذي يَعقِلُ، والصَّبيِّ الَّذي لا يَعقِلُ، فقالوا: لا يَجوزُ تَصرُّفُ الصَّبيِّ الذي يَعقِلُ إلَّا بإذْنِ وَليِّه؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّ الوَليَّ ما أجازَ ذلك إلَّا لِمَصلَحةٍ راجِحةٍ؛ نَظَرًا له، وإلَّا ما أجازَ.

وأمَّا الصَّبيُّ غيرُ العاقِلِ فلا يَجوزُ، ولو أذِنَ له وَلِيُّه؛ لعَدمِ الأهليَّةِ.


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٩)، وانظر: و «الوسيط» (٣/ ٣٩٠)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٤١٧)، و «نهاية المحتاج» (٣/ ٤٤٤، ٤٤٥)، و «النجم الوهاج» (٤/ ١٧)، و «السراج الوهاج» (٢٠٦)، و «حاشية إعانة الطالبين» (٣/ ١٤).
(٢) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٤/ ٧، ٨)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ٩)، و «مواهب الجليل» (٦/ ٣٩)، و «بلغة السالك» (٣/ ٧)، و «منح الجليل» (٤/ ٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>