للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : إنَّ العُقودَ يُرجَعُ فيها إلى عُرفِ النَّاسِ، فما عَدَّه النَّاسُ بَيعًا أو إجارةً أو هِبةً كانَ بَيعًا وإجارةً وهِبةً، فإنَّ هذه الأسماءَ ليسَ لَها حَدٌّ في اللُّغةِ والشَّرعِ، وكُلُّ اسمٍ ليسَ له حَدٌّ في اللُّغةِ والشَّرعِ فإنَّه يُرجَعُ في حَدِّه إلى العُرفِ (١).

والقَولُ الثَّاني: أنَّ المُعاطاةَ ليسَت بَيعًا، لا في القَليلِ، ولا في الكَثيرِ، ولا يَصحُّ البَيعُ إلَّا بالإيجابِ والقَبولِ، وهو قَولُ الشافِعيَّةِ في المَذهبِ والقاضي مِنْ الحَنابِلةِ؛ لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩].

وقالَ النَّبيُّ : «إنَّما البَيعُ عن تَراضٍ» (٢). أي: صادِرٌ عن تَراضٍ، والرِّضا أمرٌ خَفيٌّ لا يُطَّلَعُ عليه، فوجَب أنْ يُناطَ الحُكمُ بسَبَبٍ ظاهِرٍ يَدلُّ عليه مِنْ اللَّفظِ، فلا بَيعَ بالمُعاطاةِ.

وعلى هذا القَولِ يَكونُ المَقبوضُ بالمُعاطاةِ كالمَقبوضِ بالبَيعِ الفاسِدِ على المَذهبِ عندَ الشافِعيَّةِ، فيَجِبُ على كُلٍّ أنْ يَرُدَّ ما أخَذه على الآخَرِ إنْ


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ٢٢٦، ٢٢٧)، ويُنظر: «بدائع الصنائع» (٦/ ٥٣٢)، و «مجمع البحرين» (٢٥٨)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٤١)، و «الاختيار» (٢/ ٤)، و «كنز الدقائق» (٢٠٧)، و «رد المحتار» (٦/ ٣٧٦)، و «الهداية شرح بداية المبتدئ» (٣/ ١٢٩)، و «المختصر الفقهي» (٧/ ٢٢٧)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٢٦٨)، و «تحرير المقالة» (٥/ ٨٢)، و «المنتقى» (٥/ ٥٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٤/ ٤)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٤٥٣)، و «المغني» (٥/ ٢٢٠، ٢٢٤)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٦٦)، و «الإنصاف» (٤/ ٢٦٣).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: سبَق تخريجُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>