للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتَرَيتُ بكَذا، والقَبولُ ما يُذكَرُ ثانيًا مِنْ كَلامِ أحَدِ المُتعاقدَيْنِ بلَفظِ الماضي، مثلَ أنْ يَقولَ أحَدُهما: بِعتُ، والآخَرُ: اشتَرَيتُ؛ لأنَّه إنشاءٌ، والشَّرعُ قد عَدَّ الإخبارَ إنشاءً في جَميعِ العُقودِ، فيَنعقِدُ به، ولأنَّ الماضيَ إيجابٌ وقَطعٌ، والمُستَقبَلَ عِدَةٌ أو أمرٌ وتَوكيلٌ؛ فلِهذا انعقَد بالماضي.

أمَّا إذا كانَ بلَفظِ الأمرِ، فلا بدَّ مِنْ ثَلاثةِ ألفاظٍ، كما إذا قالَ البائِعُ: اشتَرِ مِنِّي، فقالَ: اشتَرَيتُ، لا يَنعقِدُ حتى يَقولَ البائِعُ: بِعتُ، أو حتى يَقولَ المُشتَرِي: بِعْ مِنِّي، فيَقولَ: بِعتُ، فلا بدَّ أنْ يَقولَ ثانيةً: اشتَرَيتُ؛ لأنَّ قَولَه هذا ليسَ بإيجابٍ، وإنَّما هو أمرٌ، فإذا قالَ: بِعتُ، أوِ اشتَرَيتُ، فقد وُجدَ شَطرُ العَقدِ، فلا بدَّ مِنْ وُجودِ الآخَرِ لِيَتمَّ.

وَلا يَنعقِدُ بلفظَيْنِ أحَدُهما ماضٍ والآخَرُ مُستقبَلٌ، بخِلافِ النِّكاحِ؛ فإنَّه يَنعقِدُ.

وَإنَّما شُرِطَ الماضي لأنَّه إنشاءُ تَصرُّفٍ، والشَّرعُ قد عَدَّ الإخبارَ إنشاءً في العُقودِ.

ويَنعقِدُ أيضًا بكُلِّ لَفظٍ يَدلُّ على مَعناهُما، كَقَولِه: أعطَيتُكَ بكَذا، أو خُذْه بكَذا، أو ملَّكتُكَ بكَذا، فقالَ: أخَذتُ، أو قَبِلتُ، أو رَضيتُ، أو أمضَيتُ، لأنَّه يَدلُّ على مَعنَى القَبولِ والرِّضا، والعِبرةُ بالمَعاني.

وَكذلك لَو قالَ المُشتَرِي: اشتَرَيتُ بكَذا، فقالَ البائِعُ: رَضيتُ، أو أمضَيتُ، أو أجَزتُ، وإذا أوجَبَ أحَدُ المُتعاقدَيْنِ (البائِعُ أو المُشتَرِي) البَيعَ، بأنْ قالَ البائِعُ مَثَلًا: بِعتُكَ هذا بكَذا، فالآخَرُ بالخيارِ، إنْ شاءَ قبلَ المَبيعَ في المَجلِسِ، وإنْ شاءَ رَدَّهُ؛ لقولِ النَّبيِّ : «البَيِّعانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>