للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال زُفرُ : لا يَجوزُ إلا إذا اتَّفَقت جِهاتُ القُربةِ بأنْ كان الكلُّ بجِهةٍ واحِدةٍ.

وَجهُ قولِه أنَّ القياسَ يأبى الاشتِراكَ؛ لأنَّ الذَّبحَ فِعلٌ واحِدٌ لا يَتجزَّأُ فلا يُتصوَّرُ أنْ يَقعَ بعضُه عن جِهةٍ وبعضُه عن جِهةٍ أُخرى؛ لأنَّه لا بعضَ له إلا عندَ الاتِّحادِ، فعندَ الاتِّحادِ جُعِلت الجِهاتُ كجِهةٍ واحِدةٍ، وعندَ الاختِلافِ لا يُمكِنُ فبقِي الأمرُ فيه مَردودًا إلى القياسِ.

ووَجهُ قولِ الأئمَّةِ الثَّلاثةِ أنَّ الجِهاتِ وإنِ اختلَفت صُورةً هي في المَعنى واحِدةٌ؛ لأنَّ المَقصودَ من الكلِّ التَّقرُّبُ إلى اللهِ عزَّ شأنُه، وكذلك إنْ أراد بعضُهم العَقيقةَ عن وَلدٍ وُلِد له من قَبلُ؛ لأنَّ ذلك جِهةُ التَّقربِ إلى اللهِ تَعالى عزَّ شأنُه بالشُّكرِ على ما أنعَم عليه من الوَلدِ، كذا ذكَر مُحمدٌ في نَوادرِ الضَّحايا (١).

قال الإمامُ ابنُ عابدين : واستَشكَل في الشُّرنبُلاليَّةِ الجَوازَ مع العَقيقةِ بما قالوا من أنَّ وُجوبَ الأُضحيَّةِ نسَخ كلَّ دَمٍ قبلَها من العَقيقةِ والرَّجبيةِ والعَتيرةِ وبأنَّ مُحمدًا قال في العَقيقةِ: مَنْ شاءَ فعَل ومَن شاء لم يَفعلْ.


(١) «تحفة الفقهاء» (٣/ ٨٥)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ٧١، ٧٢)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٨١، ٤٨٢)، و «اللباب» (١/ ٣٧٠)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٢٢٢، ٢٢٤)، و «شرح معاني الآثار» (٤/ ١٧٤، ١٧٦)، و «أحكام القرآن» (١/ ٣٣٩)، و «الفتاوى الهندية» (٥/ ٣٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>