ولأنَّها من ذَبائحِ الجاهِليةِ، لا تَكونُ سُنةً كالعَتيرةِ. وقد رُوي أنَّ الأُضحيَّةَ نسَخت كلَّ ذَبحٍ كان قبلَها، والعَقيقةُ كانت قبلَها.
قال الإمامُ القُدوريُّ ﵀: هو مُستحبٌّ عندَنا، فتَركُه مَكروهٌ، لِما فيه من مَكارِمِ الأخلاقِ، فأمَّا السُّنةُ فلا؛ لأنَّه من أفعالِ الجاهِليةِ، ولهذا قال مُخالفُنا:«لا يُكسرُ عَظمُها إلا من ضَرورةٍ، وتُطبخُ بالحُلوِ لا بالحامضِ»، وليس هذا من أمرِ المُسلمين، وإنَّما هو من عاداتِ الجاهِليةِ.
قالوا: الوَليمةُ سُنةٌ في النِّكاحِ، بدَلالةِ أنَّه ﷺ قال لعبدِ الرَّحمنِ:«أَولِمْ ولو بِشاةٍ» فالنِّعمةُ في الوَلدِ أعظَمُ.
قُلنا: ليست السُّنةُ في النِّكاحِ الذَّبحَ، وإنَّما تُستحبُّ الوَليمةُ، كذلك يُستحبُّ هاهُنا الذَّبحُ وإطعامُ الطَّعامِ، والخِلافُ في السُّنةِ التي يمنَعُ من تَركِها (١).
وقال الإمامُ الكاسانيُّ ﵀: العَقيقةُ كانت في الجاهِليةِ ثم فعَلها المُسلمون في أوَّلِ الإسلامِ فنسَخها ذَبحُ الأُضحيَّةِ، فمَن شاء فعَل ومَن شاءَ لم يَفعلْ … والعَقيقةُ الذَّبيحةُ التي تُذبحُ عن المَولودِ يومَ أُسبوعِه، وإنَّما عرَفنا انتِساخَ هذه الدِّماءِ بما رُوي عن سيِّدتِنا عائشةَ ﵂ أنَّها قالت:«نسَخ صَومُ رَمضانَ كلَّ صَومٍ كان قبلَه، ونسَخت الأُضحيَّةُ كلَّ ذَبحٍ كان قبلَها، ونسًخ غُسلُ الجَنابةِ كلَّ غُسلٍ كان قبلَه»، والظاهرُ أنَّها قالت ذلك