للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ في الصَّحيحِ عندَهم والمالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ إلى أنَّه تُكرهُ ولا تَجوزُ الأُضحيَّةُ عن الميِّتِ

قال الإمامُ الكاسانيُّ : وإنْ كان أحدُ الشُّركاءِ ممَّن يُضحِّي عن ميِّتٍ جازَ.

ورُوي عن أبي يُوسفَ أنَّه لا يَجوزُ، وذكَر في الأصلِ إذا اشترَك سَبعةٌ في بَدنةٍ فماتَ أحدُهم قبلَ الذَّبحِ فرضِي ورَثتُه أنْ يُذبحَ عن الميِّتِ جازَ استِحسانًا، والقياسُ أنَّه لا يَجوزُ.

وَجهُ القياسِ أنَّه لما ماتَ أحدُهم سقَط عنه الذَّبحُ وذبحُ الوارثِ لا يَقعُ عنه؛ إذ الأُضحيَّةُ عن الميِّتِ لا تَجوزُ، فصارَ نَصيبُه اللَّحمَ وأنَّه يُمنعُ من جوازِ ذَبحِ الباقين من الأُضحيَّةِ كما لو أرادَ أحدُهم اللَّحمَ في حالِ حياتِه.

وَجهُ الاستِحسانِ أنَّ المَوتَ لا يَمنعُ التَّقربَ عن الميِّتِ بدَليلِ أنَّه يَجوزُ أنْ يُتصدَّقَ عنه ويُحَجَّ عنه، وقد صحَّ «أنَّ رَسولَ اللهِ ضحَّى بكَبشَين أحدُهما عن نَفسِه والآخَرُ عمَّن لا يَذبحُ من أُمتِه»، وإنْ كان منهم مَنْ قد مات قبلَ أنْ يَذبحَ، فدَلَّ على أنَّ الميِّتَ يَجوزُ أنْ يُتقرَّبَ عنه، فإذا ذبَح عنه صارَ نَصيبُه للقُربةِ فلا يَمنعُ جَوازَ ذَبحِ الباقين (١).

وقال ابنُ نُجيمٍ : وفي «الكُبرى»: لو ضحَّى عن الميِّتِ بغيرِ أمرِه لا يَجوزُ، وهو المُختارُ، وفي رِوايةٍ: تَجوزُ.


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>