للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ أنْ أقُومَ على بُدنِه وأنْ أتَصدَّق بلَحمِها وجُلودِها وأَجلَّتِها وأَلَّا أُعطيَ الْجَزارَ منها، قال: نحنُ نُعطيهِ من عندِنا» (١).

ولأنَّ ما يَدفعُه إلى الجَزارِ أُجرةً عِوضٌ عن عَملِه وجِزارتِه ولا تَجوزُ المُعاوضةُ لشيءٍ منها، فأمَّا إنْ دفَع إليه لفَقرِه أو على سَبيلِ الهَديةِ فلا بأسَ؛ لأنَّه مُستحِقٌّ للأخذِ، فهو كغيرِه بل هو أوْلى؛ لأنَّه باشرَها وتاقَت نَفسُه إليها (٢).

قال الإمامُ النَّوويُّ : ولا يَجوزُ إعطاءُ الجَزارِ منها شيئًا بسَببِ جِزارتِه، هذا مَذهبُنا وبه قال عَطاءٌ والنَّخعيُّ ومالكٌ وأحمدُ وإسحاقُ، وحَكى ابنُ المُنذرِ عن ابنِ عُمرَ وأحمدَ وإسحاقَ أنَّه لا بأسَ ببَيعِ جِلدِ هَديِه ويَتصدَّقُ بثَمنِه، قال: ورخَّص في بَيعِه أبو ثَورٍ، وقال النَّخعيُّ والأوزاعيُّ: لا بأسَ أنْ يَشتريَ به الغِربالَ والمُنخُلَ والفأسَ والميزانَ ونحوَها، وقال الحَسنُ البَصريُّ: يَجوزُ أنْ يُعطيَ الجَزارَ جِلدَها، وهذا مُنابذٌ للسُّنةِ، واللهُ أعلمُ (٣).


(١) رواه مسلم (١٣١٧).
(٢) «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٩٣)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ١٦٥)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ٩٠)، و «الذخيرة» (٣/ ٣٦٦)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٣٩٣)، و «حاشية العدوي» (١/ ٧٤٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٤/ ٨٣)، و «المجموع» (٨/ ٣١١)، و «المغني» (٩/ ٣٥٦)، و «الكافي» (١/ ٤٧٤، ٤٧٥)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٢٨٢).
(٣) «شرح صحيح مسلم» (٩/ ٦٥)، و «المجموع» (٨/ ٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>