للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولِما رُوي مَرفوعًا «أنَّ النَّبيَّ نَهى أنْ يُضحَّى لَيلًا» (١).

فالنَّهارُ شَرطٌ لصِحةِ الذَّبحِ في الأُضحيَّةِ والهَدايا فلا يُجزِئُ الذَّبحُ لَيلًا وأوَّلَ النَّهارِ عندَ طُلوعِ الفجرِ، فعلى هذا إنْ ذبَح لَيلًا لم يُجزِئْه عن الواجبِ، وإنْ كانت تطوُّعًا فذبَحها لَيلًا كانت شاةَ لَحمٍ، ولم تَكنْ أُضحيَّةً، فإنْ فرَّقها حصَلت القُربةُ بتَفريقِها لا بذَبحِها (٢).

قال الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأمَّا المَسألةُ الثالِثةُ: وهي اختِلافُهم في اللَّيالي التي تَتخلَّلُ أيامَ النَّحرِ، فذهَب مالكٌ في المَشهورِ عنه إلى أنَّه لا يَجوزُ الذَّبحُ في لَيالي أيامِ التَّشريقِ ولا النَّحرِ.

وذهَب الشافِعيُّ وجَماعةٌ إلى جوازِ ذلك.

وسَببُ اختِلافِهم: الاشتِراكُ الذي في اسمِ اليومِ، وذلك أنَّه مَرةً يُطلِقُه العَربُ على النَّهارِ واللَّيلةِ مثلَ قولِه تَعالى: ﴿تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ﴾ [هود: ٦٥]، ومَرةً يُطلِقُه على الأيامِ دونَ اللَّيالي مثلَ قولِه تَعالى: ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة: ٧] فمَن جعَل اسمَ اليومِ يَتناوَلُ اللَّيلَ مع النَّهارِ في قولِه تَعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: ٢٨]، قال: يَجوزُ


(١) حَديثٌ مَوضوعٌ: رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (١١٤٥٨).
(٢) «التاج والإكليل» (٢/ ٢٥٤)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٣٧، ٣٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٣٨٩)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٤٠)، و «المغني» (٩/ ٣٥٩)، و «الكافي» (١/ ٤٧٣)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٢٨٧، ٢٨٨)، و «المبدع» (٣/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>