للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في قَولٍ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَجوزُ الذَّبحُ لَيلًا ونَهارًا؛ لأنَّ اللَّيلَ زَمانٌ يَصحُّ فيه الرَّميُ، فصحَّ فيه ذَبحُ الأُضحيَّةِ كالنَّهارِ إلا أنَّه يُكرهُ الذَّبحُ لَيلًا لِما رُوي مَرفوعًا «أنَّ النَّبيَّ نَهى أنْ يُضحَّى لَيلًا» (١)، خَشيةَ أنْ يُخطِئَ الذَّبحَ أو يُصيبَ نَفسَه أو تتأخَّر تَفرِقةُ اللَّحمِ طَريًّا، لكنْ إنْ ذبَحها لَيلًا أجزأه؛ لأنَّ النَّهيَ عن الادِّخارِ فَوقَ ثَلاثٍ، يَدخلُ فيه اللَّيلُ، واليومُ يُطلَقُ ويُرادُ مع لَيلتِه، لقولِ اللهِ سُبحانَه: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ [الحج: ٣٦]. ولم يُفرِّقْ بينَ اللَّيلِ النَّهارِ فكان على عُمومِه فيها. ولأنَّه من زَمانِ النَّحرِ فجازَت الأُضحيَّةُ فيه كالنَّهارِ. ولأنَّه أحدُ مَقصودَيِ الأُضحيَّةِ فجاز لَيلًا كالتَّفرقةِ (٢).

وذهَب المالِكيةُ في المَشهورِ والحَنابلةُ في رِوايةٍ اختارَها الخِرقيُّ إلى أنه لا يَجوزُ الذَّبحُ في لَيالي أيامِ التَّشريقِ لظاهرِ قولِه تَعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: ٢٨] واليومُ اسمٌ لِما بينَ طُلوعِ الفجرِ إلى غُروبِ الشَّمسِ.


(١) حَديثٌ مَوضوعٌ: رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (١١٤٥٨).
(٢) «تحفة الفقهاء» (٣/ ٨٣)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ٧٥)، و «حاشية ابن عابدين» (٦/ ٣٢٠)، و «الحاوي الكبير» (١٥/ ١١٤)، و «البيان» (٤/ ٤٣٧)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٦٥٨)، و «النجم الوهاج» (٩/ ٥١٣)، و «مغني المحتاج» (٦/ ١٤١)، و «المغني» (٩/ ٣٥٩)، و «الكافي» (١/ ٤٧٣)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٢٨٧، ٢٨٨)، و «المبدع» (٣/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>