فذهَب مالكٌ إلى أنَّه لا يَجوزُ لِأحدٍ ذَبحُ أُضحيَّتِه قبلَ ذَبحِ الإمامِ.
وقال أبو حَنيفةَ والثَّوريُّ: يَجوزُ الذَّبحُ بعدَ الصَّلاةِ وقبلَ ذَبحِ الإمام.
وسَببُ اختِلافِهم: اختِلافُ الآثارِ في هذا البابِ، وذلك أنَّه جاء في بعضِها أنَّ النَّبيَّ ﷺ أمَر لمَن ذبَح قبلَ الصَّلاةِ أنْ يُعيدَ الذَّبحَ، وفي بعضِها أنَّه أمرَ مَنْ ذبَح قبلَ ذَبحِه أنْ يُعيدَ، خرَّج هذا الحَديثَ الذي فيه هذا المَعنى مُسلمٌ، فمَن جعَل ذلك مَوطنَين اشترَط ذَبحَ الإمامِ في جوازِ الذَّبحِ، ومَن جعَل ذلك مَوطِنًا واحِدًا قال: إنَّما يُعتبرُ في إجزاءِ الذَّبحِ الصَّلاةُ فقط.
وقد اختلَفت الرِّوايةُ في حَديثِ أبي بُردةَ بنِ نيارٍ، وذلك أنَّ في بعضِ رِواياتِه «أنَّه ذبَح قبلَ الصَّلاةِ فأمرَه رَسولُ اللهِ ﷺ أنْ يُعيدَ الذَّبحَ»، وفي بعضِها «أنَّه ذبَح قبلَ ذَبحِ رَسولِ اللهِ ﷺ فأمَره بالإعادةِ»، وإذا كان ذلك كذلك فحَملُ قولِ الراوي أنَّه ذبَح قبلَ رَسولِ اللهِ ﷺ، وقولِ الآخَرِ ذبَح قبلَ الصَّلاةِ على مَوطنٍ واحدٍ أوْلى، وذلك أنَّ من ذبَح
(١) «المغني» (٩/ ٣٥٧، ٣٥٨)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٢٨٤، ٢٨٥)، و «المبدع» (٣/ ٢٨٣، ٢٨٤)، و «الإنصاف» (٤/ ٨٣، ٨٤).