وقال في «المُدوَّنة»: إنَّه يُجزِئُ عن صاحِبِه؛ لأنَّه قد وجَب بالتَّقليدِ والإشعارِ. وذهَب مُحمدُ بنُ المَوَّازِ -وهو أحدُ قولَيْ أشهَبَ- إلى أنَّه يُجزِئُ عن ذابحِه إذا غرَّمه صاحبُه فيه القيمةَ ولم يأخُذِ اللَّحمَ.
وأمَّا الضَّحايا إذا أخطأ الرَّجلُ فيها فذبَح أُضحيَّةَ غيرِه عن نَفسِه فلا تُجزِئُ عن صاحبِها باتِّفاقٍ؛ واختُلِف هل تُجزِئُ عن ذابِحها إذا غرَّمه ربُّها القيمةَ ولم يَأخذِ اللَّحمَ، فرَوى عيسى عن ابنِ القاسمِ في كِتابِ الضَّحايا أنَّها لا تُجزِئُ عنه. وقال مُحمدُ بنُ المَوَّازِ: تُجزِئُ عنه، وهو قولُ أشهَبَ، لم يَختلِفْ قولُه في ذلك كما اختلَف قولُه في الهَدايا. وفرَّق ابنُ حَبيبٍ بينَ أنْ يأتيَ صاحِبُها واللَّحمُ قائمٌ بيَدِ الذابِحِ، أو بعدَ فَواتِه، فقال: إنَّه إذا جاء واللَّحمُ قائمٌ بيَدِه فلا يُجزِئُه، وإنْ غرَّمه القيمةَ؛ لأنَّه قد كان له أنْ يَأخذَ اللَّحمَ إنْ شاء، وهو قَولٌ حَسنٌ له حظٌّ من النَّظرِ يَدخلُ بالمَعنى في مَسألةِ الهَدايا، فيأتي فيه أربَعةُ أقوالٍ. فهذا تَحصيلُ الاختِلافِ في هذه المَسألةِ، وأصَحُّ ما في ذلك أنَّه لا يُجزِئُ في الهَدايا عن واحدٍ منهما، لا عن صاحبِه؛ لأنَّه قد نحَره غيرُه عن نَفسِه، فلم يَكنْ له هو نِيةٌ في نَحرِه، ولا يُجزِئُ عَملٌ بغيرِ نِيةٍ لقولِه ﷺ:«الأعمالُ بالنِّياتِ»، ولا عن الذي نحَره؛ لأنَّه قد وجَب هَديًا لغيرِه بالتَّقليدِ والإشعارِ؛ وأنْ يُجزِئَ في الضَّحايا عن الذابِحِ إذا غرَّمه ربُّها القيمةَ ولم يَأخذِ اللَّحمَ، وكما لو أعتَقَ رقبةً عن ظِهارٍ عليه فاستُحقَّت فأجازَ ربُّها البَيعَ