فذهَب الحَنفيةُ إلى أنَّه إذا كانَ المَقطوعُ بعضُ الأُذنِ ففي ظاهرِ الرِّوايةِ عن أبي حَنيفةَ أنَّه إنْ كان المَقطوعُ أكثرَ من الثُّلثِ لا يُجزِئُه، وإنْ كان الثُّلثَ أو أقلَّ يُجزِئُه.
وفي رِوايةِ بِشرٍ عن أبي حَنيفةَ: إذا كان الذاهِبُ أقَلَّ من الثُّلثِ يَجوزُ، وإنْ كان أكثرَ من الثُّلثِ لا يَجوزُ، لقولِه ﷺ:«الثُّلثُ والثُّلثُ كَثيرٌ».
وفي رِوايةِ ابنِ شُجاعٍ: إذا كان الذاهِبُ الرُّبعَ لا يُجزِئُ؛ لأنَّ للرُّبعِ حُكمَ الكَمالِ كما في مَسحِ الرأسِ.
وقال أبو يُوسفَ ﵀: إذا بقِي الأكثرُ من العَينِ والأُذنِ أجزأه، قال: وذَكرتُ قولِي لِأبي حَنيفةَ فقال: قَولي قولُك.
قيلَ: هذا رُجوعٌ من أبي حَنيفةَ إلى قولِه، وقيلَ: معناه قَولي قَريبٌ من ذلك.
وَجهُ قولِ أبي يُوسفَ أنَّ القِلةَ والكَثرةَ من الأسماءِ المُقابِلةِ، فإذا كان الذاهِبُ أقلَّ من النصفِ قُلنا: إذا قابَلتَ الذاهِبَ بالباقي كان الباقي أكثرَ، وإذا كان الذاهبُ أكثرَ من النصفِ فإذا قابَلتَه بالباقي كان الذاهبُ أكثرَ فإذا كان الذاهِبُ النِّصفَ قال: لا يَجوزُ؛ لأنَّه لمَّا استَوى المانِعُ والمُجوِّزُ يَترجَّحُ المانعُ احتياطًا.
وقولُ مُحمدٍ قيلَ: مع أبي حَنيفةَ، وقيل: مع أبي يُوسفَ.