للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: قال رَسولُ اللَّهِ : «خَيرُ الأُضحِيَّةِ الكَبشُ» (١).

ولأنَّ المَطلوبَ إحياءُ قِصةِ الخَليلِ لقولِه تَعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨)[الصافات: ١٠٧، ١٠٨]، قيل: جَعلناه سُنةً للآخِرين، ولأنَّ اللهَ وصَفه بالعَظيمِ، ولم يَحصلْ هذا الوَصفُ لغيرِه من جهةِ المَعنى أنَّ المُفدَى لم تَكنْ نَفاستُه لعِظمِ جِسمِه، بل لعِظمِ معناه، فكذلك ينبَغي أنْ يَكونَ فِداؤُه تَحصيلًا للمُناسَبةِ؛ لأنَّه لمَّا ضحَّى عن نَفسِه ضحَّى بالكَبشِ.

وإنَّما فرَّق مالكٌ بينَ الضَّحايا والهَدايا، وذلك أنَّ المَقصودَ في الضَّحايا: حُسنُ اللَّحمِ ورُطوبَتُه، لأنَّها قُربةٌ اختُصَّ بها أهلُ البَيتِ.

والهَدايا المَقصودُ منها: كَثرةُ اللَّحمِ ووفُورُه، لأنَّها قُربةٌ قُرِّبت للمَساكينِ، ولأنَّ المَساكينَ لا يُريدونَ إلا الزائدَ من الأطعِمةِ، وإنَّما غَرضُهم كَثرةُ الشَّيءِ وإشباعُه، فالإبِلُ والبَقرُ مَحلٌّ لهذا المَقصِدِ (٢).

قال الإمامُ النَّوويُّ : أجمَع العُلماءُ على أنَّ الإبِلَ أفضلُ من البَقرِ في الهَدايا واختَلفُوا في الأُضحيَّةِ، فمَذهبُ الشافِعيِّ وأبي حَنيفةَ والجُمهورِ أنَّ الإبلَ أفضلُ ثم البَقرُ ثم الغَنمُ كما في الهَدايا، ومَذهبُ مالكٍ


(١) حَديثٌ ضعيفٌ: رواه أبو داود (٣١٥٦)، والترمذي (١٥١٧).
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٢/ ٤٨٢)، و «المعونة» (١/ ٤٣٥)، و «مناهج التحصيل» (٣/ ٢٥٣، ٢٥٤)، و «الذخيرة» (٤/ ١٤٣، ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>