للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّه ذَبحٌ يُتقرَّبُ به إلى اللهِ تَعالى كانت البَدنةُ منه أفضلَ، كالهَديِ، ولأنَّها أكثرُ ثَمنًا ولَحمًا وأنفَعُ للفُقراءِ؛ لأنَّ سدَّ الخَلَّاتِ مَطلوبٌ للشَّرعِ وهو من الإبِلِ أكثرُ، فيَكونُ أفضلَ.

ورَوى جابرٌ أنَّ النَّبيَّ قال: «لا تَذبَحوا إلا مُسنَّةً إلا أنْ تَعسُرَ عليكم فتَذبَحوا جَذعةً من الضَّأنِ»، ولأنَّ الواحِدَ من الإبلِ عن سَبعةٍ فكان أفضلَ من جَذعةِ الضَّأنِ التي هي عن واحدٍ.

وهذا في حقِّ مَنْ أراد أنْ يَنفرِدَ بنَحرِه، فأمَّا إذا اشترَك فيه سَبعةٌ ليَكونَ كلُّ واحدٍ منهم مُضحِّيًا بسُبعِها كانت التَّضحيةُ بالضَّأنِ أفضلَ من سُبعِها (١).

وذهَب المالِكيةُ إلى أنَّ أفضلَ الضَّحايا: الضأنُ، لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)[الصافات: ١٠٧]، وهو كَبشٌ لا جَملٌ ولا بَقرةٌ، ولو علِم اللهُ حَيوانًا أفضلَ من الكَبشِ لَفَدى به. ولأنَّها أطيَبُ لَحمًا وأشهَى إلى النُّفوسِ فكانت أفضلَ.

ولأنَّ هذا فِعلُ النَّبيِّ فقد روى أنسٌ : «أنَّ النَّبيَّ كان يُضحِّي بكَبشَين أَملَحيْن أَقرَنيْن، ويَضعُ رِجلَه على صَفحَتِهما، ويَذبَحُهما بيدِه» (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (١٥/ ٧٧)، و «المجموع» (٨/ ٢٩١، ٢٩٢)، و «المغني» (٩/ ٣٤٧، ٣٤٨)، و «عمدة القاري» (٦/ ١٧٣)، و «لسان الحكام» (١/ ٣٨٦).
(٢) رواه البخاري (٥٥٦٤)، ومسلم (١٩٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>