للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّنعيمُ أفضلَ من جِهةٍ أُخرى تُساوِيه إلى الحِلِّ لا من جِهةٍ أبعَدَ مِنه واللهُ أعلمُ.

وقال النَّوويُّ: ظاهرُ الحَديثِ أنَّ الثَّوابَ والفَضلَ في العِبادةِ يَكثُرُ بكَثرةِ النصَبِ والنفَقةِ.

وهو كما قال، لكنْ ليسَ هذا بمُطَّردٍ، فقد يَكونُ بعضُ العِبادةِ أَخفَّ من بَعضٍ، وهو أكثرُ فَضلًا وثَوابًا بالنِّسبةِ إلى الزَّمانِ، كقيامِ لَيلةِ القَدرِ بالنِّسبةِ لِقيامِ لَيالٍ من رَمضانَ غيرِها، وبالنِّسبةِ للمَكانِ كصَلاةِ رَكعتَين في المَسجدِ الحَرامِ بالنِّسبةِ لصَلاةِ رَكعاتٍ في غيرِه، وبالنِّسبةِ إلى شَرفِ العِبادةِ الماليَّةِ والبَدنيَّةِ كصَلاةِ الفَريضةِ بالنِّسبةِ إلى أكثرَ من عَددِ رَكعاتِها أو أَطولَ من قِراءتِها، ونحوُ ذلك صَلاةُ النافِلةِ، وكدِرهمٍ من الزَّكاةِ بالنِّسبةِ إلى أكثرَ منه مِنْ التطوُّعِ.

أشارَ إلى ذلك ابنُ عبدِ السَّلامِ في القَواعدِ قال: وقد كانتِ الصَّلاةُ قُرةَ عَينِ النَّبيِّ وهي شاقَّةٌ على غيرِه، وليست صَلاةُ غيرِه مع مَشقَّتِها مُساويةً لصَلاتِه مُطلقًا واللهُ أعلمُ (١).

وقال النَّوويُّ : قولُه : «ولكنَّها على قَدرِ نصَبِكِ، أو قال: نفَقتِكِ»، هذا ظاهِرٌ في أنَّ الثَّوابَ والفَضلَ في العِبادةِ يَكثرُ بكَثرةِ النصَبِ والنفَقةِ، والمُرادُ النصَبُ الذي لا يَذمُّه الشَّرعُ، وكذا النفَقةُ (٢).


(١) «فتح الباري» (٣/ ٦١١)، ويُنظر: «شرح مسلم» للنووي (٨/ ١٥٢).
(٢) «شرح مسلم» (٨/ ١٥٢، ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>