وفي رِوايةٍ لِلحاكِمِ وصحَّحَها:«إنَّما أجرُكِ في عُمرتِكِ على قَدرَ نفَقَتِكِ»(١).
قال الحافِظُ ابنُ حَجرٍ ﵀: واستُدِلَّ على أنَّ الاعتمارَ لِمن كان بمكةَ من جِهةِ الحِلِّ القَريبةِ أقلُّ أجرًا من الاعتمارِ من جِهةِ الحِلِّ البَعيدِ، وهو ظاهرُ هذا الحَديثِ.
وقال الشافِعيُّ في «الإملاء»: أفضلُ بِقاعِ الحِلِّ لِلاعتمارِ الجِعرانةُ؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ أحرَم منها، ثم التَّنعيمُ لأنَّه أذِن لِعائشةَ ﵂ منها، قال: وإذا تَنحَّى عن هذَيْن المَوضعَين، فأينَ أَبعدَ حتى يَكونَ أكثرَ لسَفرِه كان أَحبَّ إليَّ.
وحَكى المُوفَّقُ في «المُغني» عن أحمدَ أنَّ المَكيَّ كلَّما تباعَد في العُمرةِ كان أعظمَ لِأجرِه.
وقال الحَنفيةُ: أفضلُ بِقاعِ الحِلِّ لِلاعتمارِ التَّنعيمُ، ووافَقهم بعضُ الشافِعيةِ والحَنابلةِ، ووَجهُه ما قدَّمناه أنَّه لم يُنقَلْ أنَّ أحَدًا من الصَّحابةِ في عَهدِ النَّبيِّ ﷺ خرَج من مكةَ إلى الحِلِّ ليُحرِمَ بالعُمرةِ، غيرَ عائشةَ ﵂، وأمَّا اعتِمارُه ﷺ من الجِعرانةِ فكانَ حينَ رجَع من الطائفِ مُجتازًا إلى المَدينةِ، ولكنْ لا يَلزمُ من ذلك تَعيُّنُ التَّنعيمِ للفَضلِ؛ لِما دلَّ عليه هذا الخَبرُ أنَّ الفَضلَ في زيادةِ التَّعبِ والنفَقةِ، وإنَّما يَكونُ
(١) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه الحاكم في «المستدرك» (١/ ٦٤٤).