وهو أيضًا قولُ ابنِ حَزمٍ ﵀ فقد قال: أمَّا العُمرةُ فنُحبُّ الإكثارَ منها لِما ذكَرنا من فَضلِها … وهو قولُ الشافِعيِّ وأبي حَنيفةَ وأبي سُليمانَ وبه نَأخذُ؛ لأنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قد أعمَر عائشةَ ﵂ مرَّتيْن في الشَّهرِ الواحِدِ، ولم يَكرَهْ ﷺ ذلك، بل حضَّ عليه وأخبَر أنَّ العُمرةَ تُكفِّرُ ما بينَها وبينَ العُمرةِ الأُخرى، فالإكثارُ منها أفضلُ (١).
القولُ الثاني: ذهَب شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ وتِلميذُه ابنُ القَيمِ -رحمهما الله- إلى عَدمِ مَشروعيَّةِ تَكرارِ العُمرةِ في السَّفرِ الواحِدِ.
فقد سُئل شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ ﵀: أيُّهما أفضلُ لِمن كان بمكةَ: الطَّوافُ بالبَيتِ أو الخُروجُ إلى الحِلِّ ليَعتمرَ منه ويَعودَ؟ وهل يُستحبُّ لِمن كان بمكةَ كَثرةُ الاعتمارِ في رَمضانَ أو في غيرِه أو الطَّوافُ بَدلَ ذلك؟ وكذلكَ كَثرةُ الاعتمارِ لغيرِ المَكيِّ، هل هي مُستحبَّةٌ؟ وهل في اعتمارِ النَّبيِّ من الجِعرانةِ، وفي عُمرةِ الحُديبيةِ مُستَندٌ لِمن يَعتمرُ من مكةَ، كما في أمرِه لِعائشةَ ﵂ أنْ تَعتمِرَ من التَّنعيمِ؟ وقولُ النَّبيِّ ﷺ:«تَعدِلُ حَجةً» هل هي عُمرةُ الأفاقيِّ أو تَتناوَلُ المَكيَّ الذي يَخرجُ إلى الحِلِّ ليَعتمرَ في رَمضانَ؟
فأجابَ: أمَّا مَنْ كان بمكةَ من مُستوطِنٍ ومُجاوِرٍ وقادِمٍ وغيرِهم فإنَّ طَوافَه بالبَيتِ أفضلُ له من العُمرةِ، وسَواءٌ خرَج في ذلك إلى أدنى الحِلِّ، وهو التَّنعيمُ الذي أُحدِثَ فيه المَساجدُ التي تُسمَّى مَساجدَ عائشةَ، أو