للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن مَعنِ بنِ عِيسى قالَ: كانَ مالِكُ بنُ أَنسٍ إذا أَرادَ أن يَجلِسَ للحَديثِ، اغتَسلَ وتَبخَّرَ وتَطيَّبَ، فإذا رفَعَ أَحدٌ صَوتَه في مَجلِسِه، زجَرَه وقالَ: قالَ اللهُ تعالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ [الحجرات: ٢]، فمَن رفَعَ صَوتَه عندَ حَديثِ رَسولِ اللهِ فكأنَّما رفَعَ صَوتَه فوقَ صَوتِ رَسولِ اللهِ (١).

وعن عمرَ بنِ المُحبِّرِ الرُّعَينيِّ قالَ: قدِمَ المَهديُّ المَدينةَ، فبعَثَ إلى مالِكٍ فأَتاه، فقالَ لِهارونَ ومُوسى: اسمَعا منه. فبعَثا إليه فلم يُجبْهما، فأعَلَما المَهديَّ فكلَّمَه، فقالَ: يا أَميرَ المُؤمِنينَ، العلمُ يُؤتَى أَهلُه. فقالَ: صدَقَ مالِكٌ، صِيرا إِليه، فلمَّا صارَا إليه قالَ له مُؤدِّبُهما: اقرَأْ علينا. قالَ: إنَّ أَهلَ المَدينةِ يَقرأونَ على العالِمِ، كما يَقرأُ الصِّبيانُ على المُعلِّمِ، فإن أَخطَئوا أَفتاهُم، فرجَعوا إلى المَهديِّ، فبعَثَ إلى مالِكٍ فكلَّمَه، فقالَ: سمِعتُ ابنَ شِهابٍ يَقولُ: جمَعْنا هذا العِلمَ في الرَّوضةِ من رِجالٍ، وهم يا أَميرَ المُؤمِنينَ: سَعيدُ بنُ المُسيِّبِ، وأَبو سَلمةَ، وعُروةُ، والقاسمُ، وسالِمٌ، وخارِجةُ بنُ زيدٍ، وسُليمانُ بنُ يَسارٍ، ونافعٌ، وعبدُ الرحمنِ بنُ هُرمزَ، ومِن بعدِهم أَبو الزِّنادِ، ورَبيعةُ، ويَحيى بنُ سَعيدٍ، وابنُ شِهابٍ.

وكلُّ هؤلاء يُقرأُ عليهم ولا يَقرءونَ. فقالَ: في هؤلاء قُدوةٌ؛ صِيروا إليه فاقْرَءوا عليه، ففَعلوا (٢).


(١) «تهذيب الكمال» (١١/ ١١١).
(٢) «سير أعلام النبلاء» (٨/ ٦٣، ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>