قال الماوَرديُّ: وهذا كما قال: يَجوزُ أنْ يَعتمرَ في السَّنةِ مِرارًا، وهو قولُ الجُمهورِ.
قال به من الصَّحابةِ عُمرُ وعلِيٌّ وابنُ عُمرَ وعائشةُ وأنسٌ ﵃، ومن التابِعينَ عِكرِمةُ وعَطاءٌ وطاوُسٌ.
وقال مالكٌ والنَّخعيُّ وسَعيدُ بنُ جُبيرٍ وابنُ سِيرينَ والمُزنيُّ: لا تَجوزُ العُمرةُ في السَّنةِ إلا مَرةً كالحَجِّ لاقتِرانِهما في الأمرِ، وهذا خَطأٌ.
ودَليلُنا ما روَت عائشةُ ﵂ أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ اعتمَر في سَنةٍ مرَّتيْن في شوَّالٍ وذي القَعدةِ، ورُوي عنه أنَّه أعمَر عائشةَ ﵂ في سَنةٍ مرَّتيْن، لأنَّها أحرَمت بالعُمرةِ، فلمَّا دخلَت مكةَ حاضَتْ، فقال لها النَّبيُّ:«ارفُضي عُمرتَكِ»، أي: ارفُضي عَملَ عُمرتِك، فلمَّا فرَغت من القِرانِ قالت: يا رَسولَ اللهِ: كلُّ نِسائك يَنصرِفنَ بنُسكَين وأنا بنُسكٍ واحدٍ، فأمرَ أخاها عبدَ الرَّحمنِ أنْ يُعمِرَها من التَّنعيمِ، فحصَل لها عُمرَتان.
ورَوى أبو صالِحٍ عن أبي هُريرةَ ﵁ قال رَسولُ اللهِ ﷺ:«الحَجُّ المَبرورُ ليس له جَزاءٌ إلا الجَنةُ، والعُمرَتان تُكفِّران ما بينَهما».
ورُوي عن علِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ﵁ أنَّه اعتمَر في شَهرٍ واحدٍ أربعَ عُمَرٍ، وحُكيَ نحوُ ذلك عن ابنِ عُمرَ وأنسٍ وعائشةَ.