للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القولُ الثاني: سُنةٌ مُؤكَّدةٌ وليست واجبةً، وإلى هذا القولِ ذهَب الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيُّ في القَديمِ والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ اختارَها شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ وهو مَحكيُّ عن ابنِ مَسعودٍ وأبي ثَورٍ والنَّخعيِّ والشَّوكانِيِّ وغيرِهم.

واستدَلُّوا على ذلك بما يلي:

١ - ما رُوي عن جابرٍ : «أنَّ النَّبيَّ سُئل عن العُمرةِ: أواجبةٌ هي؟ قال: لا، وأنْ تَعتمِروا هو أفضلُ» (١).

٢ - ما رُوي عن طَلحةَ بنِ عُبيدِ اللهِ أنَّه سمِع رَسولَ اللهِ يَقولُ: «الحَجُّ جِهادٌ والعُمرةُ تطوُّعٌ» (٢).

قال شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : وهذا القولُ أرجَحُ فإنَّ اللهَ إنَّما أوجَب إتمامَها بقولِه : ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ إيجابَ الإتَمامِ، وفي الابتِداءِ، إنَّما أوجَب الحَجَّ، وهكذا سائرُ الأحاديثِ الصَّحيحةِ ليس فيها إلا إيجابُ الحَجِّ (٣).

وقال في مَوضعٍ آخرَ: «ولأنَّ اللهَ قال: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾، ولم يَذكرِ العُمرةَ، ولو كانَت واجبةً لَذكَرها كما ذكَرنا، لمَّا أمَر بإتمامِها وبالسَّعيِ فيها في قولِه : ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ


(١) حَديثٌ ضَعيفٌ: رواه الترمذي (٩١٣).
(٢) حَديثٌ ضَعيفٌ: رواه ابن ماجه (٢٩٨٩).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ٥)، و «الفتاوى الكبرى» (٢/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>