للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك يُنافي الشَأنَ الذي يَكونُ عليه المُحرِمُ من الشَّعثِ والغُبارِ افتِقارًا وتَذلُّلًا للهِ تَعالى.

وقد أورَدوا في الدُّهنِ وأشباهِه الاستِدلالَ بحَديثِ ابنِ عُمرَ قال: «قامَ رَجلٌ إلى النَّبيِّ فقال: من الحاجُّ يا رَسولَ اللهِ؟ قال: الشَّعِثُ التَّفِلُ» (١).

والشَّعِثُ: (بِكَسرِ العَينِ) الوَصفُ، (وبفَتحِها) المَصدرُ، ومَعناه: انتِشارُ الشَّعرِ وتَغبُّرُه لقِلةِ التَّعهُّدِ.

والتَّفِلُ: من التَّفلِ، وهو تَركُ الطِّيبِ حتى يُوجدَ منه رائحةٌ كَريهةٌ. فشمِل بذلك تَركَ الدُّهنِ، ولأنَّ استِعمالَ الدُّهنِ يُزيلُ هذه الصِّفةَ فيَكونُ مُحرَّمًا بعدَ الإحرامِ، أمَّا الدُّهنُ بالزَّيتِ في سائرِ الجَسدِ ما عَدا الرَّأسَ فجائزٌ بالاتِّفاقِ.

قال ابنُ المُنذرِ : وأجمَعوا على أنَّ للمُحرِمِ أنْ يَدهنَ بالزَّيتِ بَدنه ما خَلا رَأسَه (٢).

وقال الحَنفيةُ والمالِكيةُ: يُحظَرُ على المُحرِمِ استِعمالُ الدُّهنِ في رَأسِه ولحيَتِه وعامِّةِ بَدنِه؛ للحَديثِ السابقِ، فإنْ دهَن لزِمه الفِديةُ (٣).


(١) حَديثٌ حَسنٌ: رواه الترمذي (٢٩٩٨)، وابن ماجه (٢٨٩٦).
(٢) «الإجماع» (١٦٦).
(٣) «المبسوط» للسرخسي (٤/ ٨)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٢٨)، و «لباب المناسك وشرحه» (ص ٨٠)، و «رد المختار» (٢/ ٢٢١)، و «العناية» (٢/ ١٤١)، و «الاختيار» (١/ ١٧٣)، و «تبين الحقائق» (٢/ ١٣)، و «درر الحكام» (٣/ ٤٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٦٠، ٦١)، و «الشرح الصغير» (٢/ ٥٤، ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>