للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا الحُيضَ، ورخَّص لهنَّ رَسولُ اللهِ » (١)، وهذا أمرٌ ومُطلَقُ الأمرِ لوُجوبِ العَملِ، إلا أنَّ الحائضَ خُصَّت عن هذا العُمومِ ولم يَأمرْها النَّبيُّ بإقامةِ شيءٍ آخرَ مَقامَه، وهو الدَّمُ، وهذا أصلٌ في كلِّ نُسكٍ جازَ تَركُه لعُذرٍ أنَّه لا يَجبُ بتَركِه من المَعذورِ كَفارةٌ.

وقال ابنُ قُدامةَ : وليس في سُقوطِه عن المَعذورِ ما يُجوِّزُ سُقوطَه لغيرِه، كالصَّلاةِ تَسقُطُ عن الحائضِ، وتَجبُ على غيرِها، بل تَخصيصُ الحائضِ بإسقاطِه عنها دَليلٌ على وُجوبه على غيرِها، إذ لو كان ساقِطًا عن الكلِّ لم يَكنْ لتَخصيصِها بذلك مَعنًى (٢).

وذهَب الإمامُ مالكٌ والشافِعيُّ في القولِ الثاني عنه إلى أنَّ طَوافَ الوَداعِ سُنةٌ، وليس بواجبٍ، فمَن ترَكه فلا شيءَ عليه، واستدَلُّوا على عَدمِ الوُجوبِ بأنَّه لا يَجبُ على الحائضِ، والنُّفساءِ، ولو كان واجبًا لَوجَب عليها كطَوافِ الزِّيارةِ.

قالوا: ولأنَّه يَسقطُ عن الحائضِ فلم يَكنْ واجبًا كطَوافِ القُدومِ، ولأنَّه كتَحيَّةِ البَيتِ أشبَهَ طَوافَ القُدومِ.

ثم اختلَفوا: فيما إذا طافَ طَوافَ الوداعِ المَذكورَ، ثم أقامَ لشِراءِ حاجةٍ، أو عيادةِ مَريضٍ أو انتِظارِ رُفقةٍ أو غيرِ ذلك، هل يُجزِئُه طَوافُه ذلك أو يَحتاجُ إلى إعادةِ طَوافٍ آخرَ؟


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه الترمذي (٩٤٤).
(٢) «المغني» (٥/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>