للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَديثِ حَفصةَ: «كانَ يَجعَلُ يَمينَه لطَعامِه وشَرابِه وثِيابِه، ويَجعَلُ شِمالَه لمَا سِوَى ذلك»، وما استدَلَّ به على أنَّه يُستحبُّ باليُمنى ليسَ فيه دِلالةٌ على ما ذهَبَ إليه؛ فإنَّ المُرادَ منه البَداءةُ بالشِّقِّ الأيمَنِ في التَّرجُّلِ، والبَداءةُ بلُبسِ النَّعلِ، والبَداءةُ بالأَعضاءِ اليُمنى في التَّطهُّرِ، والبَداءةُ بالجانِبِ الأيمَنِ من الفَمِ في الاستِياكِ، وأمَّا كَونُه يَفعلُ ذلك بيَمينِه فيَحتاجُ إلى نَقلٍ.

والظاهِرُ أنَّه من بابِ إِزالةِ الأذَى كالامتِخاطِ ونَحوِه؛ فيَكونُ باليُسرى.

وقد صرَّحَ أبو العَباسِ القُرطبيُّ من المالِكيةِ فقالَ في «المُفهمِ» حِكايةً عن مالِكٍ: لا يَتسوَّكُ في المَساجدِ؛ لأنَّه من بابِ إِزالةِ القَذرِ، واللهُ أعلَمُ (١).

وسُئلَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ عن الاستِياكِ باليُمنى أم باليُسرى؟ فذكَرَ أنَّ الأفضَلَ الاستِياكُ باليُسرى؛ لأنَّه مِنْ بابِ إِماطةِ الأذَى، فهو كالاستِنثارِ والامتِخاطِ، ونَحوِ ذلك ممَّا فيه إِزالةُ الأذَى، وذلك باليُسرى، كما أنَّ إِزالةَ النَّجاساتِ واجِبُها ومُستحَبُّها اليُسرى.

ثم ذكَرَ أنَّ السِّواكَ ليسَ مِنْ بابِ إِكرامِ اليَمينِ (٢).


(١) «طرح التثريب» (٢/ ٦٦، ٦٧).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢١/ ١٠٨، ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>