للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنفيةُ في قَولٍ والعِراقيُّ من الشافِعيةِ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ اختارَها شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ إلى أنَّه يَتسوَّكُ باليُسرى، وجعَلوه من بابِ إِزالةِ القاذُوراتِ.

قالَ ابنُ عابِدينَ : إنَّ السِّواكَ إنْ كانَ من بابِ التَّطهيرِ استُحبَّ باليَمينِ كالمَضمَضةِ، وإنْ كانَ من بابِ إِزالةِ الأذَى فباليُسرى، والظاهِرُ الثاني (١).

وقالَ العِراقيُّ : السِّواكُ المَأمورُ به هل الأَولى أنْ يُباشِرَه المُستاكُ بيَمينِه أو بشِمالِه؟ ذكَرَ بعضُ مُتأخِّري الحَنابِلةِ ممَّن رأيتُ أنَّه يَستاكُ بيَمينِه؛ لأنَّه ورَدَ في بعضِ طُرقِ حَديثِ عائِشةَ المَشهورِ: «كانَ يُعجِبُه التَّيمُّنُ في تَرجُّلِه وتَنعُّلِه وتَطهُّرِه وسِواكِه» وسمِعتُ بعضَ مَشايخِنا الشافِعيةِ يَبني ذلك على أنَّ السِّواكَ هل هو من بابِ التَّطهيرِ والتَّطيُّبِ أو مِنْ بابِ إِزالةِ القاذُوراتِ.

فإنْ جعَلناه من بابِ التَّطيُّبِ استُحِبَّ أنْ يَكونَ بيَمينِه، وإنْ جعَلناه من بابِ إِزالةِ القاذُوراتِ استُحبَّ أنْ يَليَه بشِمالِه لحَديثِ عائِشةَ : «كانَت يَدُ رَسولِ اللهِ اليُمنَى لطُهورِه وطَعامِه، وكانَت يَدُه اليُسرَى لخَلائِه وما كانَ من أَذًى» (٢) رَواه أبو داودَ بإِسنادٍ صَحيحٍ، وله من


(١) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٢٣٤)، وينظر: «حاشية الطحطاوي» (١/ ٤٤).
(٢) رواه أبو داود (٣٣)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١/ ١١٣)، وأحمد في «المسند» (٦/ ٢٦٥)، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود» (٢٦)، والنووي في «المجموع» (١/ ٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>