للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك من عرَض له شيءٌ ممَّا ذكَرنا في سَعيِه بينَ الصَّفا والمَروةِ، ولا فرقَ، وهو قولُ أبي حَنيفةَ، والشافِعيِّ.

وقال مالكٌ: أمَّا في الطَّوافِ الواجبِ فيَبتدِئُ ولا بدَّ إلا في الصَّلاةِ المَكتوبةِ فقط، فإنَّه يُصَلِّيها ثم يَبني؛ وأمَّا في طَوافِ التطوُّعِ فيَبني في كلِّ ذلك.

قال أبو مُحمدٍ: هذا تَقسيمٌ لا بُرهانَ على صِحتِه أصلًا، ولم يَأتِ نَصٌّ ولا إجماعٌ على وُجوبِ ابتِداءِ الطَّوافِ والسَّعيِ إنْ قطَع لِحاجةٍ، ولا بإبطالِ ما طافَ من أشواطِه وسعَى، وقد قال اللَّهُ تَعالى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (٣٣)[محمد: ٣٣].

وإنَّما افترَض الطَّوافَ والسَّعيَ سَبعًا، ولم يَأتِ نَصٌّ بوُجوبِ اتِّصالِه، وإنَّما هو عَملٌ من النَّبيِّ فقط، وأمَّا من فعَل ذلك عَبثًا فلا عَملَ لِعابثٍ ولا يُجزِئُه … عَنْ جَميلِ بنِ زَيدٍ قال: «رَأيتُ ابنَ عُمرَ طافَ في يَومٍ حارٍّ ثَلاثةَ أطوافٍ، ثم أصابَه حرٌّ فدخَل الحِجرَ فجلَس، ثم خرَج فبَنى على ما كان طافَ» (١).

وعن عَطاءٍ: لا بَأسَ بأنْ يَجلسَ الإنسانُ في الطَّوافِ ليَستَريحَ، وفيمَن عرَضت له حاجةٌ في طَوافِه لِيذهَبْ ولْيَقضِ حاجَتَه، ثم يَبنِ على ما كان طافَ (٢).


(١) رواه عبد الرزاق في «مصنفه» (٨٩٨٠).
(٢) «المحلى» (٧/ ٢٠٢، ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>