للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الرَّميِ؛ لأنَّهما من أسبابِ التَّحلُّلِ، فإنَّه بالرَّميِ للجِمارِ والذَّبحِ والحَلقِ يَحصلُ التَّحلُّلُ الأولُ وبِالطَّوافِ يَحصلُ التَّحلُّلُ الأكبَرُ (بشَرطِ السَّعيِ)، فكما أنَّ وقتَ الرَّميِ يَبدأُ عندَهم بعدَ نصفِ اللَّيلِ كذا وقتُ طَوافِ الإفاضةِ (١).

والأفضلُ عندَ العُلماءِ أداؤُه يومَ النَّحرِ بعدَ الرَّميِ والنَّحرِ والحَلقِ؛ لقولِ جابرٍ في صِفةِ حَجِّ النَّبيِّ يومَ النَّحرِ: «فأفاضَ إلى البَيتِ فصلَّى بمكةَ الظُّهرَ» (٢).

وأمَّا آخِرُ وقتِ طَوافِ الفَرضِ -الزِّيارةِ- فليس لِآخرِه حَدٌّ مُعيَّنٌ لِأدائه فَرضًا، بل جميعُ الأيامِ واللَّيالي وقتُه باتِّفاقِ المَذاهبِ الأربعةِ (٣).


(١) «المجموع» (١/ ١٦١)، و «نهاية المحتاج» (٢/ ٤٢٩)، و «مغني المحتاج» (١/ ٥٠٣، ٥٠٤)، و «الإفصاح» (١/ ٥١٦)، و «المغني» (٥/ ٦٢)، و «الفروع» (٣/ ٥١٦، ٥٢٠).
(٢) رواه مسلم (١٢١٨).
(٣) إلا قَولًا لابنِ حَزمٍ أنَّه إن خرَج ذو الحجَّةِ قبلَ أنْ يَطوفَ فقد بطَل حَجُّه، قال: وأمَّا قَولُنا: مَنْ ترَك عَمدًا أو بنسيانٍ شَيئًا من طَوافِ الإفاضةِ، أو من السَّعيِ الواجِبِ بينَ الصَّفا والمَروةِ فليَرجِعْ أيضًا -كما ذكَرنا- ممتَنِعًا من النِّساءِ حتى يَطوفَ بالبَيتِ: ما بَقيَ عليه، فإنْ خرَج ذو الحِجَّةِ قبلَ أنْ يَطوفَ فقد بطَل حَجُّه، وليس عليه في رُجوعِه لِطَوافِ الوَداعِ أنْ يَمتنِعَ من النِّساءِ؛ فلأنَّ طَوافَ الإفاضةِ فَرضٌ.
وقال تَعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧]، وقد ذكَرنا أنَّها شَوَّالٌ، وذو القَعدةِ، وذو الحِجةِ، فإذ هو كذلك لا يَحلُّ لأحدٍ أنْ يَعملَ شيئًا من أعمالِ الحَجِّ في غَيرِ أشهُرِ الحَجِّ فيَكونَ مُخالفًا لأمرِ اللهِ تَعالى.
وأمَّا امتِناعُه من النِّساءِ؛ فلقولِ اللهِ تَعالى: ﴿الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ فهو ما لم يُتمَّ فَرائضَ الحَجِّ فهو في الحَجِّ بعدُ.
وأمَّا رُجوعُه لطَوافِ الوَداعِ فليس هو في حَجٍّ، ولا في عُمرةٍ فليس عليه أنْ يُحرِمَ، ولا أنْ يَمتنعَ من النِّساءِ؛ لأنَّ اللهَ تَعالى لم يُوجِبْ ذلك، ولا رَسولُ اللهِ، ولا إحرامَ إلا بحَجٍّ أو عُمرةٍ، أو لِطَوافٍ مُجرَّدٍ فلا. «المحلى» (٧/ ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>