للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأربَعةِ، وإنَّما كان المَفروضُ هذا القَدرَ، فإذا أتى به فقد أتى بالقَدرِ المَفروضِ؛ فيَقعُ به التَّحلُّلُ، فلا يَلزمُه البَدنةُ بالجِماعِ بعد ذلك؛ لأنَّ ما زادَ عليه إلى تَمامِ السَّبعةِ فهو واجبٌ، وليس بفَرضٍ، فتَجبُ بتَركِه الشاةُ دونَ البَدنةِ كرَميِ الجِمارِ، واللهُ أعلمُ (١).

واختلَف الفُقهاءُ هل يَلزمُه المَشيُ عندَ القُدرةِ عليه أو يَجوزُ السَّعيُ راكبًا أو مَحمولًا؟

فذهَب الحَنفيةُ والمالِكيةُ والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه يَجبُ المَشيُ في الطَّوافِ على القادِرِ عليه فإنْ ترَكه مع القُدرةِ أجزَأه، ولكنْ يَلزمُه الدَّمُ.

أمَّا الجَوازُ فلأنَّ الفَرضَ حُصولُه كائنٌ حولَ البَيتِ؛ وقد حصَل، وأمَّا لُزومُ الدَّمِ فلتَركِه الواجبَ، وهو المَشيُ بنَفسِه مع القُدرةِ عليه؛ فدخَله نَقصٌ، فيَجبُ جَبرُه بالدَّمِ، وإذا كان عاجِزًا عن المَشي لا يَلزمُه شيءٍ؛ لأنَّه لم يَترُكِ الواجبَ، إذْ لا وُجوبَ مع العَجزِ (٢).

قال الإمامُ السَّرخَسيُّ : وإنْ طافَ راكِبًا أو مَحمولًا فإنْ كان لعُذرٍ من مَرضٍ أو كِبَرٍ لم يَلزمْه شيءٌ، وإنْ كان لغيرِ عُذرٍ أعادَه ما دامَ بمكةَ، فإنْ رجَع إلى أهلِه فعليه الدَّمُ عندَنا، وعلى قولِ الشافِعيِّ لا شيءَ عليه؛ لأنَّه صحَّ في الحَديثِ أنَّ النَّبيَّ طافَ للزِّيارةِ يومَ


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٧٣)، و «المجموع» (٨/ ١٦١)، و «المغني» (٥/ ٦١، ٩٤).
(٢) «بدائع الصنائع» (٣/ ٦٠)، و «الاستذكار» (٤/ ٢١٤)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ٧٩٦)، و «بلغة السالك» (٢/ ٣١)، و «شرح الزركشي» (١/ ٥٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>