وذكَر ابنُ المُنذرِ هذا القولَ عن الشافِعيِّ قال: وبه أقولُ؛ لأنَّه لا يُجزئُه أنْ يَقفَ بمَكانٍ أمَر رَسولُ اللهِ ﷺ ألَّا يَقفَ به.
قال أبو عُمرَ: قد ذكَرنا أنَّ الاستِثناءَ لبَطنِ عُرَنةَ من عَرفةَ لم يَجئْ مَجيئًا تَلزمُ حُجَّتُه لا من جِهةِ النَّقلِ ولا من جِهةِ الإجماعِ، والذي ذكَر المُزنيُّ عن الشافِعيِّ قال: ثم يَركبُ فيَروحُ إلى المَوقفِ عندَ الصَّخراتِ ثم يَستقبِلُ القِبلةَ بالدُّعاءِ، قال: وحيثُما وقَف الناسُ من عَرفةَ أجزَأهم؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ قال:«هذا مَوقِفٌ، وكلُّ عَرفةَ مَوقفٌ».
قال أبو عُمرَ: ومن حُجَّةِ من ذهَب مَذهبَ أبي المُصعَبِ أنَّ الوُقوفَ بعَرفةَ فَرضٌ مُجتمَعٌ عليه في مَوضعٍ مُعيَّنٍ، فلا يَجوزُ أداؤُه إلا بيَقينٍ، ولا يَقينَ مع الاختِلافِ (١).
وقال الإمامُ النَّوويُّ ﵀: واعلَمْ أنَّه ليس من عَرفاتٍ وادي عُرَنةَ ولا نَمِرةُ ولا المَسجدُ المُسمَّى مَسجدَ إبراهيمَ، ويُقالُ له أيضًا: مَسجدُ عُرَنةَ، بل هذه المَواضعُ خارِجةٌ عن عَرفاتٍ على طَرفِها الغَربيِّ مما يلي مُزدَلفةَ ومنًى ومكةَ.
هذا الذي ذكَرتُه من كَونِ وادي عُرَنةَ ليس من عَرفاتٍ لا خِلافَ فيه، نصَّ عليه الشافِعيُّ، واتَّفَق عليه الأصحابُ.
وأما نَمِرةُ فليست أيضًا من عَرفاتٍ، بل بقُربِها، هذا هو الصَّوابُ الذي نصَّ عليه الشافِعيُّ في مُختصَرِ الحَجِّ الأوسَطِ وفي غيرِه، وصرَّح به أبو عَليٍّ