للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ قُدامةَ : وهذا تَركٌ لِظاهرِ قولِه تَعالى: ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦]. وإطْراحٌ للآثارِ الثابِتةِ، وما احتَجُّوا به بلا حُجةٍ فيه، فإنَّ إهداءَ النَّبيِّ للبَدنةِ لا يَمنعُ إجزاءَ ما دونَها، فإنَّ النَّبيَّ قَدْ ساقَ مِئةَ بَدنةٍ، ولا خِلافَ في أنَّ ذلك ليسَ بواجبٍ، ولا يَجبُ أنْ تَكونَ البَدنةُ التي يَذبحُها على صِفةِ بُدنِ النَّبيِّ ، ثم إنَّهم يَقولونَ: إنَّ النَّبيَّ كان مُفرِدًا في حَجِّه، ولذلك ذهَبوا إلى تَفضيلِ الإفرادِ، فكيف يَكونُ سَوقُه للبُدنِ دَليلًا لهم في التَّمتُّعِ ولم يَكنْ مُتمتِّعًا (١).

وقال ابنُ حَزمٍ : وهذا لا حُجةَ فيه؛ لأنَّ ابنَ عُمرَ قد رجَع عن هذا إلى إجازةِ الاشتِراكِ، وإنَّما أخبَر ههنا أنَّه لم يَعلَمْ بذلك ولا شعَر به، وليس مَنْ لم يَعلَمْ حُجةً على مَنْ علِم … عن جَبلةَ بنِ سُحيمٍ عن ابنِ عُمرَ قال: «الجَزورُ، والبَقرةُ، عن سَبعةٍ».

إجازَتُه عن ذلك دَليلٌ بيِّنٌ على أنَّه علِم بالسُّنةِ في ذلك بعدَ أنْ لم يَكنْ علِمها، وقد جاء هذا نَصًّا عنه كما روَيْنا من طَريقِ ابنِ أبي شَيبةَ نا ابنُ نُميرٍ نا مُجالِدٌ عن الشَّعبيِّ قال: قلتُ لابنِ عُمرَ: البَقرةُ، والبَعيرُ تُجزِئُ عن سَبعةٍ، فقال: وكيف؟ ألَها سَبعةُ أنفُسٍ؟ فقلتُ لهُ: إنَّ أصحابَ مُحمدٍ الذينَ بالكُوفةِ أفتَوْني؛ فقال القَومُ: نَعمْ قد قاله رَسولُ اللَّهِ وأبو بَكرٍ وعُمرُ فقال ابنُ عُمرَ: ما شَعَرتُ، فبطَل تَعلُّقُهم بابنِ عُمرَ (٢).


(١) «المغني» (٥/ ١٠١).
(٢) «المحلى» (٧/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>