للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحيحٌ على أنَّه إنْ كان مَوقوفًا فليس لِابنِ عَباسٍ مُخالِفٌ، وأيضًا فإنَّ الحَجَّ واجبٌ في أولِ سَنةٍ مِنْ سِني الإمكانِ، فإذا أمكَنه فِعلُه عن نَفسِه لم يَجزْ أنْ يَفعَله عن غيرِه؛ لأنَّ الأولَ فَرضٌ والآخرَ نَفلٌ، كمَن عليه دَينٌ هو مُطالَبٌ به ومعه دَراهمُ بقَدرِه لم يَكنْ له أنْ يَصرِفَها إلا إلى دَينِه، وكذلك كلُّ ما احتاجَ إلى صَرفِه في واجبٍ عنه لم يَكنْ له أنْ يَفعَله عن غيرِه.

وأيضًا فإنَّه إذا حضَر المَشاعرَ تَعيَّن الحَجُّ عليه، فلم يَكنْ له أنْ يَفعَله عن غيرِه كما لو حضَر صَفَّ القِتالِ فأرادَ أنْ يُقاتِلَ عن غيرِه.

وقال ابنُ قُدامةَ : ولأنَّه حجَّ عن غيرِه قبلَ الحَجِّ عن نَفسِه، فلم يَقعْ عن الغيرِ، كما لو كان صَبيًّا، ويُفارِقُ الزَّكاةَ فإنَّه يَجوزُ أنْ يَنوبَ عن الغيرِ، وقد بقِي عليه بعضُها، وههنا لا يَجوزُ أنْ يحُجَّ عن الغيرِ مَنْ شرَع في الحَجِّ قبلَ إتمامِه، ولا أنْ يَطوفَ عن غيرِه مَنْ لم يَطُفْ عن نَفسِه، إذا ثبَت هذا فإنَّ عليه رَدَّ ما أخَذ من النَّفقةِ؛ لأنَّه لم يَقعِ الحَجُّ عنه، فأشبَهَ ما لو لم يحُجَّ (١).

وعن الإمامِ أحمدَ رِوايةٌ: أنَّ الإحرامَ يَقعُ باطِلًا، فلا يَقعُ عن نَفسِه ولا عن غيرِه.

وقال أبو حَفصٍ العُكبُريٌّ: يَنعقِدُ الإحرامُ عن المَحجوجِ عنه، ثم يقلِبُه الحاجُّ إلى نَفسِه (٢).


(١) «المغني» (٤/ ٣٤٥).
(٢) «الإفصاح» (١/ ٤٥٣، ٤٥٤)، و «المغني» (٤/ ٣٤٥)، و «شرح العمدة» (٢/ ٢٩٠، ٢٩٤)، و «المجموع» (٧/ ٨٥)، و «مختصر خلافيات البيهقي» (٣/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>