للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكَراهةِ؛ لقولِ النَّبيِّ : «وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نَوى» (١)، ولأنَّ النَّبيَّ أذِن للخَثعميَّةِ أنْ تحُجَّ عن أبيها ولم يَستفصِلْ، هل حجَّت عن نَفسِها أو لم تحُجَّ؟ وكذلك الجُهنيَّةُ أذِنَ لها أنْ تحُجَّ عن أمِّها نَذرَها، وللمَرأةِ الأُخرَى، ولِأبي رَزينٍ العُقيليِّ وغيرِهم -كما سبَق- ولم يَستفصلْ واحِدًا مِنهم، ولا أمَره أنْ يَبدأَ بالحَجِّ عن نَفسِه.

والخَثعميَّةُ -وإنْ كان الظاهرُ أنه قد عَلِمَ أنها حجَّتْ عن نَفسِها؛ لأنها سأَلتْه غَداةَ النَّحرِ حينَ أفاضَ من مُزدَلفةَ إلى منًى، وهي مُفيضةٌ معه، وهذه حالُ مَنْ قد حجَّ ذلك العامَ- غيرُها ليسَ في سُؤالِه ما يَدلُّ على أنَّه حجَّ، ولأنَّه شبَّهه بقَضاءِ الدَّينِ بقولِه: «أرَأيتَ لو كان على أبيكَ دَينٌ أكُنتَ قاضيَهُ؟ قال: نَعمْ، قال: فدَينُ اللهِ أحقُّ أنْ يُقضَى» (٢)، والرَّجلُ يَجوزُ أنْ يَقضيَ دَينَ غيرِه قبلَ دَينِه.

وأيضًا فإنَّه عَملٌ تَدخلُه النِّيابةُ، فجازَ أنْ يَنوبَ عن غيرِه قبلَ أنْ يُؤدِّيَه عن نَفسِه، كقَضاءِ الدُّيونِ وأداءِ الزَّكاةِ والكَفاراتِ.

ولأنَّ كلَّ مَنْ صحَّ منه أنْ يحُجَّ عن نَفسِه صحَّ منه في تلك الحالِ أنْ يحُجَّ عن غيرِه -إذا لم يَكنْ عليه فَرضٌ مِثلُه- جازَ أنْ يَفعَله عنه إنْ كان عليه فَرضٌ مِثلُه، أصلُه قَضاءُ الدَّينِ.

ولأنَّه أحرَم بالحَجِّ عن شَخصٍ لا يَنقلِبُ عن غيرِه، أصلُه إذا أحرَم عن


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: تقدَّم.
(٢) حَديثٌ صَحيحٌ: تقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>