للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصحَّ أنَّ حجَّه وعُمرتَه إذا راجَع الإسلامَ سيَراهما ولا يَضيعانِ عليه.

وروينا من طُرقٍ كالشَّمسِ … عن عُروةَ بنِ الزُّبيرِ أنَّ حَكيمَ بنَ حِزامٍ أخبَره أنَّه قال لرَسولِ اللَّهِ : أيْ رَسولَ اللَّهِ، أرَأيتَ أُمورًا كنتُ أتَحنَّثُ بها في الجاهِليةِ من صَدقةٍ، أو عَتاقةٍ، أو صِلةِ رَحمٍ، أفيها أجرٌ؟ فقال رَسولُ اللَّهِ : «أسلَمتَ على ما أسلَفتَ من خَيرٍ» (١). قال أبو مُحمدٍ: فصحَّ أنَّ المُرتدَّ إذا أسلَم، والكافرَ الذي لم يَكنْ أسلَم قطُّ، إذا أسلَما فقد أسلَما على ما أسلَفا من الخَيرِ، وقد كان المُرتدُّ إذا حجَّ وهو مُسلمٌ قد أدَّى ما أُمِر به، وما كلِّف كما أُمر به فقد أسلَم الآنَ عليه، فهو له كما كان.

وأمَّا الكافِرُ فيحُجُّ كالصابِئينَ الذينَ يَروْنَ الحَجَّ إلى مكةَ في دينِهم، فإنْ أسلَم بعدَ ذلك لم يُجزِئْه؛ لأنَّه لم يُؤدِّه كما أمَر اللَّهُ تَعالى به؛ لأنَّ من فُروضِ الحَجِّ وسائرِ الشَّرائعِ كلِّها ألَّا تُؤدَّى إلا كما أمَر بها رَسولُ اللَّهِ مُحمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ في الدِّينِ الذي جاءَ به، الذي لا يَقبلُ اللَّهُ تَعالى دِينًا غيرَه، وقال : «مَنْ عمِل عَملًا ليس عليه أمْرُنا فهو رَدٌّ» (٢).

والصابِئُ إنَّما حجَّ كما أمَره هُرمسُ أو غيرُه فلا يُجزِئُه وبِاللَّهِ تَعالى التَّوفيقُ.

ويَلزمُ من أسقَط حجَّه برِدَّتِه أنْ يُسقِطَ إحصانَه، وطَلاقَه الثَّلاثَ، وبَيعَه،


(١) رواه البخاري (١٤٣٦)، مسلم (١٢٣).
(٢) رواه مسلم (١٧١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>