للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ١٥]؛ ففي هذه الآياتِ دَليلٌ على أنَّ الرِّدةَ نَفسَها مُحبِطةٌ لِلعَملِ (١).

وذهَب الشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ والمالِكيةُ في قَولٍ وابنُ حَزمٍ إلى أنَّه لا تَجبُ عليه حجَّةٌ أُخرى إذا أسلَم بعدَ الرِّدةِ؛ لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٢١٧].

قال الإمامُ النَّوويُّ : فعلَّق الحُبوطَ بشَرطَين: الرِّدةُ والمَوتُ عليها، والمُعلَّقُ بشَرطَين لا يثبُتُ بأحدِهما، والآيةُ التي احتَجُّوا بها مُطلَقةٌ، وهذه مُقيَّدةٌ، فيُحمَلُ المُطلقُ على المُقيَّدِ (٢).

لكنْ قال الإمامُ القَرافيُّ : قال مالكٌ: مَنْ ارتدَّ حبِط عَملُه، وقال الشافِعيُّ: لا يَحبَطُ عَملُه إلا بالوَفاةِ على الكُفرِ؛ لأنَّ قولَه تَعالى: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ١٥]-وإنْ كان مُطلقًا، وتَمسَّكَ به مالكٌ على إطلاقِه- قد ورَد مُقيَّدًا في قولِه تَعالى في الآيةِ الأُخرى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ٩٥)، و «المبسوط» (٢/ ١٧٥)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٨٠)، و «أحكام القران» لابن العربي (١/ ٢٨٥)، و «تفسير القرآن» للقرطبي (١٥/ ٢٧٧)، و «المغني» (١/ ٢٣٩)، و «المبدع» (١/ ١٧١)، و «شرح الزركشي» (١/ ٦٠)، و «الإفصاح» (١/ ٤٤٥).
(٢) «المجموع» (٣/ ٦، ٧/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>