للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُستحبُّ أنْ يُحرِمَ من طَرفِ القَريةِ أو الحِلَّةِ الأبعَدِ عن مكةَ، وإنْ أحرَم من الطَّرفِ الأقرَبِ جازَ.

وذهَب الحَنفيةُ إلى أنَّ ميقاتَه مِنطَقةُ الحِلِّ، أي: جميعُ المَسافةِ من الميقاتِ إلى انتِهاءِ الحِلِّ، فلَه الإحرامُ من دُوَيرةِ أهلِه، أو حيثُ شاءَ من الحِلِّ الذي بينَ دُوَيرةِ أهلِه وبينَ الحَرمِ؛ لأنَّ الحِلَّ الذي بينَ دُويرةِ أهلِه والحَرمِ كشيءٍ واحدٍ، فيَجوزُ إحرامُه إلى آخرِ أجزاءِ الحِلِّ، كما يَجوزُ إحرامُ الآفاقيِّ من دُويرةِ أهلِه إلى آخرِ أجزاءِ ميقاتِه، ولا يَلزمُه كَفارةٌ ما لم يَدخلْ أرضَ الحَرمِ بلا إحرامٍ، وإحرامُه من دُويرةِ أهلِه أفضلُ.

واستدلَّ الجميعُ بقولِه في حَديثِ المَواقيتِ: «ومَن كان دونَ ذلك فمن حيثُ أنشَأ» (١)، فحمَله المالِكيةُ على مَنزِله، وقالوا: «إن كان من المَسجدِ فواسِعٌ لِلإحرامِ؛ لأنَّه مَوضعُ الصَّلاةِ، ولأنَّ أهلَ مكةَ يَأتونَ المَسجدَ فيُحرِمونَ منه، وكذلك أهلُ ذي الحُلَيفةِ يَأتونَ مَسجدَهم».

وفسَّره الشافِعيةُ والحَنابلةُ بالقَريةِ والحِلَّةِ التي يَسكنُها؛ لأنَّه أنشَأ منها.

وقال الحَنفيةُ: إنَّ خارجَ الحَرمِ كلَّه كمَكانٍ واحدٍ في حقِّ الميقاتيِّ، والحَرمَ كالميقاتِ في حقِّ الآفاقيِّ، فلا يَدخلُ الحَرمَ إذا أرادَ الحَجَّ أو العُمرةَ إلا مُحرِمًا (٢).


(١) رواه البخاري (١٤٥٢)، ومسلم (١١٨١).
(٢) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٦٥)، و «الهداية» (٢/ ١٣٤)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ٨)، و «رد المحتار» (٢/ ٥٢٦)، و «مواهب الجليل» (٣/ ٣٤)، و «شرح الزرقاني» (٢/ ٢٥٢)، و «شرح الرسالة» (١/ ٤٥٩)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٠)، و «المجموع» (٧/ ١٧١)، و «نهاية المحتاج» (٢/ ٣٩٢)، و «المغني» (٢/ ٣٧٣)، و «الكافي» (١/ ٥٢٤)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ٢٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>