للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُجاوزةُ الميقاتِ بغيرِ إحرامٍ؛ لأنَّه لو نذَر دُخولَها لزِمه الإحرامُ، ولو لم يَكنْ واجبًا لم يَجبْ بنَذرِ الدُّخولِ كسائرِ البُلدانِ.

وهذا في الجُملةِ، وتَفصيلُه كالآتي:

قال الحَنفيةُ: الآفاقِيُّ إذا أرادَ دُخولَ الحَرمِ لغيرِ النُّسكِ، كمُجرَّدِ الرُّؤيةِ أو النُّزهةِ أو التِّجارةِ لا يَجوزُ له أنْ يَتجاوَز الميقاتَ إلا مُحرِمًا؛ لأنَّ فائدةَ التَّأقيتِ هذا؛ لأنَّه يَجوزُ تَقديمُ الإحرامِ على المَواقيتِ بالاتِّفاقِ، فإنْ جاوَزها الآفاقيُّ بغيرِ إحرامٍ فعليه شاةٌ، فإنْ عادَ فأحرَم منه سقَط الدَّمُ.

أمَّا لو قصَد مَوضعًا من الحِلِّ، كخَليصٍ وجدَّةَ، حلَّ له مُجاوزتُه بلا إحرامٍ، فإذا حلَّ به التحَق بأهلِه، فله دُخولُ الحَرمِ بلا إحرامٍ، قالوا: وهو الحيلةُ لمُريدِ ذلك بقَصدٍ أوَّليٍّ، كما إذا كان قَصدُه لجدَّةَ مثلًا، لبَيعٍ أو شِراءٍ، وإذا فرَغ منه يَدخلُ مكةَ أُخرى، إذ لو كان قَصدُه الأوَّليُّ دُخولَ مكةَ، ومن ضَرورَتِه أنْ يَمرَّ بالحِلِّ فلا يَحلَّ له تَجاوُزُ الميقاتِ بدونِ إحرامٍ (١).

وقال المالِكيةُ: إنَّ كلَّ مُكلَّفٍ حُرٍّ أرادَ دُخولَ مكةَ لا يَدخلها إلا بإحرامٍ بأحدِ النُّسكَين وُجوبًا، ولا يَجوزُ له تَعدِّي الميقاتِ بلا إحرامٍ إلا أنْ يَكونَ من المُتَردِّدين، أو يَعودَ إلى مكةَ بعدَ خُروجِه منها مَكانًا قَريبًا -أي: دونَ


(١) «الاختيار» (١/ ١٥٢)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥٢٥)، و «البحر الرائق» (٢/ ٣٤٣)، و «العناية شرح الهداية» (٣/ ٤٠٣)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>