للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الوزيرُ ابنُ هُبيرةَ : ومَعنى قولِهم -أي: مالكٍ والشافِعيِّ وأحمدَ-: يَصحُّ منه، أي: يُكتبُ له، وكذلك أعمالُ البرِّ، ولا يُكتبُ عليه، فهو يُكتبُ له ولا يُكتبُ عليه.

ومَعنى قولِ أبي حَنيفةَ: لا يَصحُّ منه، على ما ذكَره بعضُ أصحابِه منه صِحةً يَتعلَّقُ بها وُجوبُ الكَفاراتِ عنه إذا فعَل المَحظوراتِ في الإحرامِ؛ زيادةً في الرِّفقِ به، لا أنَّه يُخرجَه من ثَوابِ الحَجِّ (١).

إلا أنَّه إذا بلَغ الصَّبيُّ وكانَ قَدْ حجَّ قبلَ بُلوغِه وجَب عليه حَجةُ الفَريضةِ بإجماعِ المُسلمينَ؛ لقولِ النَّبيِّ : «إذا حجَّ الصَّبيُّ فهي له حَجةٌ حتى يَعقِلَ، فإذا عقَل فعَليه حَجةٌ أُخرَى» (٢)، ولأنَّه أدَّى ما لم يَجب عليه فلا يَكفيه عن الحَجِّ الواجبِ بعدَ البُلوغِ (٣).

وقال الإمامُ النَّوويُّ : فَرعٌ في مَذاهبِ العُلماءِ في حَجِّ الصَّبيِّ، قد ذكَرنا أنَّ مَذهبَنا أنَّه يَصحُّ الحَجُّ ولا يَجبُ عليه، فأمَّا عَدمُ وُجوبه على الصَّبيِّ فمُجمَعٌ عليه، قال ابنُ المُنذرِ في «الإشرافِ»: أجمَع أهلُ العِلمِ على


(١) «الإفصاح» (١/ ٤٥٥).
(٢) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه ابن خزيمة في «صحيحه» (٤/ ٣٤٩)، والحاكم (١/ ٦٥٥).
(٣) «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٤/ ٥٢٨)، و «التمهيد» (١/ ١٠٨)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (١/ ٣٧٦)، و «تفسير القرطبي» (٤/ ١٤٥)، و «فتح القدير» (٢/ ٤١٠)، و «المجموع» (٧/ ٣١)، و «المغني» (٤/ ٣٥٠)، و «الإقناع» (١/ ٨٣)، وباقي المَصادر السابِقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>