للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القولُ الأولُ: أنَّ الحَجُّ يَجبُ على الفَورِ ولا يَجوزُ تَأخيرُه مع القُدرةِ عليه، فمن تَحقَّق فَرضُ الحَجِّ عليه في عامٍ فأخَّره يَكونُ آثِمًا، وإذا أدَّاه بعدَ ذلك كان أداءً لا قَضاءً، وارتفَع الإثمُ، وهو مَذهبُ الإمامِ أبي حَنيفةَ في أصحِّ الرِّوايتَين عنهُ وأبي يُوسفَ في المَشهورِ عنه وهو المُعتمدُ عندَ الحَنفيةِ ومالكٍ في قَولٍ اختارَه بعضُ البَغداديِّينَ المُتأخِّرينَ من المالِكيينَ والحَنابلةِ في المَذهبِ والمُزنيُّ من الشافِعيةِ (١).

استَدَلُّوا على ذلك بما يَلي:

قولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧] وقولِه تَعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦].

١ - والأمرُ بالحَجِّ في وقتِه مُطلقٌ يَحتملُ الفَورَ، ويَحتملُ التَّراخيَ، والحَملُ على الفَورِ أحوَطُ؛ لأنَّه إذا حُمل عليه يَأتي بالفِعلِ على الفَورِ ظاهِرًا، وفي الأغلَبِ خَوفًا من الإثمِ بالتَّأخيرِ، فإنْ أُريدَ به الفَورُ فقَد أتَى بما أُمر به فأمِنَ الضَّررَ، وإنْ أُريدَ به التَّراخي لا يَضرُّه الفِعلُ


(١) انظر: «بدائع الصنائع» (٣/ ٣٦، ٣٧)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥٢)، و «فتح القدير» (٢/ ٤١٢)، و «التمهيد» (١٦/ ١٦٣)، وما بعدَها، «شرح ابن بطال» (٤/ ٤٣٦)، و «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٢/ ٢٠٠)، ورجَّح هو القولَ ب «الفورية والمدخل» (٤/ ٢١٤)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٤٧١، ٤٧٣)، و «شرح الزرقاني» (٢/ ٣٥٣)، و «الحاوي الكبير» (٤/ ٢٤)، و «فتح الباري» (٣/ ٥٩٩)، و «الشرح الكبير مع المغني» (٤/ ٣١٩)، و «الإنصاف» (٣/ ٤٠٤)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣٨٩)، و «الإفصاح» (١/ ٤٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>