للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو يُوسفَ ومُحمدٌ: لا يَفسُدُ إلا بأكثَرَ من نِصفِ يَومٍ استِحسانًا، وهو أوسَعُ؛ لأنَّ القَليلَ منه لو لم يُبَحْ لَوَقعوا في الحَرجِ؛ لأنَّه لا بُدَّ منه لِإقامةِ الحَوائِجِ.

أمَّا إذا كان الخُروجُ لِحاجةٍ، وهو ما لا بُدَّ منه، كحاجةِ الإنسانِ والغُسلِ من الجَنابةِ والنَّفيرِ ولِخَوفِ الفِتنةِ ولِقَضاءِ عِدَّةِ المُتوفَّى عنها زَوجُها ولِأجلِ الحَيضِ والنِّفاسِ فلا يَبطُلُ الاعتِكافُ في قَولِهم جَميعًا.

عن عائِشةَ لقالت: «كان رَسولُ اللَّهِ لَيُدْخِلُ عليَّ رَأْسَهُ وهو في الْمَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ، وكان لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلا لِحَاجَةٍ إذا كان مُعْتَكِفًا» (١).

وقَولُها : «السُّنَّةُ على الْمُعْتَكِفِ ألَّا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إلَّا لِمَا لا بُدَّ منه» (٢).

وقال ابنُ قُدامةَ : لا خِلافَ في أنَّه له الخُروجُ إلى ما لا بُدَّ له منه.

قال ابنُ المُنذِرِ: أجمَع أهلُ العِلمِ على أنَّ لِلمُعتكِفِ أنْ يَخرُجَ من مُعتكَفِه لِلغائِطِ والبَولِ (٣) ولأنَّ هذا مما لا بُدَّ منه، ولا يُمكِنُ فِعلُه في المَسجدِ فلو بطَل الاعتِكافُ بخُروجِه إليه لم يَصحَّ لِأحدٍ الاعتِكافُ، ولأنَّ النَّبيَّ كان يَعتكِفُ وقد عَلِمنا أنَّه يَخرُجُ لِحاجَتِه، والمُرادُ بحاجةِ الإنسانِ البَولُ والغائِطُ كَنَّي بذلك عنهما، لأنَّ كلَّ إنسانٍ يَحتاجُ إلى


(١) أخرجه البخاري (٢٠٢٩)، ومسلم (٢٩٧).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.
(٣) «الإجماع» ص (٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>