للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففي الصَّحيحَينِ من حَديثِ أبي هُريرةَ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «اختتَنَ إِبراهيمُ وهو ابنُ ثَمانينَ سَنةً بالقَدُّومِ» (١).

وقد قالَ ﷿: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النحل: ١٢٣] والخِتانُ من مِلتِه.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : فإنْ قيلَ: لا دِلالةَ في الآيةِ على وُجوبِ الخِتانِ؛ لأنَّا أُمِرنا بالتَّديُّنِ بدِينِه فما فعَلَه مُعتقِدًا وُجوبَه فعَلناه مُعتقِدين وُجوبَه.

وما فعَلَه نَدبًا فعَلناه نَدبًا، ولم نَعلمْ أنَّه كانَ يَعتقدُه واجِبًا.

فالجَوابُ: أنَّ الآيةَ صَريحةٌ في اتِّباعِه فيما فعَلَه، وهذا يَقتَضي إِيجابَ كلِّ فِعلٍ فعَلَه، إلا ما قامَ الدَّليلُ على أنَّه سُنةٌ في حَقِّنا كالسِّواكِ ونَحوِه، وقد نقَلَ الخَطابيُّ أنَّ خِصالَ الفِطرةِ كانَت واجِبةً على إِبراهيمَ (٢).

٢ - جاءَ رَجلٌ إلى النَّبيِّ فقالَ: قد أسلَمتُ، قالَ: «ألقِ عَنْكَ شَعَرَ الكُفرِ واختَتِنْ» (٣)، وحَملُه على النَّدبِ في إلقاءِ الشَّعرِ لا يَلزمُ منه حَملُه عليه في الآخَرِ (٤).


(١) البخاري (٣١٧٨)، ومسلم (٢٣٧٠).
(٢) «المجموع» (٢/ ٣١٣).
(٣) رواه أبو داود (٣٥٦)، والبيهقي (١/ ١٧٢)، وحسنه الألباني بشواهده. انظر: «الإرواء» (١/ ٧٩)، و «صحيح الجامع» (٨٥١، ١٢٥١)، وقد ضعفه النووي والشوكاني وابن المنذر والحافظ في «الفتح» (١٠/ ٣٥٤).
(٤) «تحفة المولود» ص (١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>