للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النَّوَويُّ : ويُستحَبُّ أنْ يَصومَها مُتتابِعةً في أوَّلِ الشَّهرِ؛ فإنْ فرَّقها أو أخَّرها عن أوَّلِ شَوَّالٍ جازَ، وكان فاعِلًا لِأصلِ هذه السُّنَّةِ؛ لِعُمومِ الحَديثِ وإطلاقِه، وهذا لا خِلافَ فيه عندَنا (١).

ونُقِل عن أبي حَنيفةَ : كَراهةُ صَومِ سِتَّةٍ من شَوَّالٍ مُتفَرِّقةً كانتْ أو مُتتابِعةً. وعن أبي يُوسُفَ كَراهَتُها مُتتابِعةً، لا مُتفرِّقةً، لكنَّ عامَّةَ الحَنفيَّةِ من المُتأخِّرين لم يَرَوْا به بَأسًا.

قال ابنُ الهُمامِ : وَجهُ الجَوازِ أنَّه قد وقَع الفَصلُ بيَومِ الفِطرِ فلم يَلزَمِ التَّشبيهُ بأهلِ الكِتابِ.

ووَجهُ الكَراهةِ أنَّه قد يُفضي إلى اعتِقادِ لُزومِها من العَوامِّ لِكَثرةِ المُداوَمةِ، ولذا سَمِعنا مَنْ يَقولُ يَومَ الفِطرِ: نَحنُ إلى الآنَ لم يأتِ عيدُنا، أو نَحوَه، فأمَّا عندَ الأمنِ مِنْ ذلك فلا بأسَ، لِوُرودِ الحَديثِ (٢).

أمَّا المالِكيَّةُ فقال الإمامُ مالِكٌ في «المُوطَّأِ»: لم أرَ أحَدًا من أهلِ العِلمِ والفِقهِ يَصومُها، ولم يَبلُغْني ذلك عن أحَدٍ من السَّلفِ، وإنَّ أهلَ العِلمِ يَكرَهون ذلك ويَخافون بِدعَتَه، وأنْ يُلحِقَ برَمضانَ ما ليس منه أهلُ الجَهالةِ والجَفاءِ لو رأوا في ذلك رُخصةً عندَ أهلِ العِلمِ ورَأوْهم يَعمَلون ذلك (٣).


(١) «المجموع» (٧/ ٦٣٥)، و «مغني المحتاج» (١/ ٤٤٧).
(٢) «شرح فتح القدير» (٢/ ٣٤٩)، وانظر: «البحر الرائق» (٢/ ٢٧٨)، و «ابن عابدين» (٢/ ١٢٥)، و «الهندية» (١/ ١٢٠١)، و «البدائع» (٢/ ٥٨٦).
(٣) «الموطأ» (١/ ٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>