منها: أنَّ النَّبيَّ ﷺ شَبَّهَه بالدَّينِ، وقَضاءُ الدَّينِ عن المَيِّتِ لا يَجِبُ على الوارِثِ ما لم يُخلِّفْ تَرِكةً يَقضي بها.
ومنها: أنَّ السائِلَ سألَ النَّبيَّ ﷺ هل يَفعَلُ ذلك أو لا، وجَوابُه يَختلِفُ باختِلافِ مُقتَضى سُؤالِه؛ فإنْ كان مُقتَضاه السُّؤالَ عن الإباحةِ فالأمرُ في جَوابِه يَقتَضي الإباحةَ، وإنْ كان السُّؤالُ عن الإجزاءِ فأمْرُه يَقتَضي الإجزاءَ، كقَولِهم:«أنُصلِّي في مَرابِضِ الغَنمِ؟ قال: صَلُّوا في مَرابِضِ الغَنمِ» وإنْ كان سُؤالُهم عن الوُجوبِ فأمْرُه يَقتَضي الوُجوبَ كقَولِهم: «أنتَوضَّأُ من لُحومِ الإبِلِ؟ قال: تَوضَّؤُوا مِنْ لُحومِ الإبِلِ» وسُؤالُ السائِلِ في مَسألتِنا كان عن الإجزاءِ، فأمرُ النَّبيِّ ﷺ بالفِعلِ يَقتَضيه لا غَيرُ.
ولنا على جَوازِ الصِّيامِ عن المَيِّتِ: ما رَوَت عائِشةُ أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ قال: «مَنْ مات وعليه صيامٌ صامَ عنه وَليُّه».
وعن ابنِ عَباسٍ قال: جاء رَجلٌ إلى النَّبيِّ ﷺ فقال: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أُمِّي ماتَت وعليها صَومُ شَهرٍ أفأصومُ عنها؟ قال:«أرأيتَ لو كان على أُمِّكَ دَينٌ أكُنتَ قاضيَه؟ قال: نَعَمْ، قال: فدَينُ اللهِ أحَقُّ أنْ يُقضَى»، وفي رِوايةٍ قال: جاءتِ امرأةٌ إلى رَسولِ اللهِ ﷺ فقالت: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أُمِّي ماتَتْ وعليها صَومٌ، أفأصومُ عنها؟ قال:«أرأيتِ لو كان على أُمِّكِ دَينٌ فقَضَيتِه كان يُؤدِّي ذلك عنها؟ قالت: نَعَمْ. قال: صُومي عن أُمِّكِ» مُتَّفَقٌ عليه.
وعن ابنِ عَباسٍ «أنَّ سَعدَ بنَ عُبادةَ الأنصاريَّ استَفتَى النَّبيَّ ﷺ في نَذرٍ كان على أُمِّه فتُوُفِّيت قبلَ أنْ تَقضيَه فأفتاه بأنْ يَقضيَه، فكانت سُنَّةً بَعدُ».