للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال الحَنفيَّةُ: إذا نَوى في الصَّومِ القَضاءَ والتَّطوُّعَ يَكونُ تَطوُّعًا ولا يُجزِئُه عن القَضاءِ عندَ الإمامِ مُحمدِ بنِ الحَسنِ.

وقال الإمامُ أبو يُوسُفَ: يُجزِئُه عن القَضاءِ ويَبطُلُ التَّطوُّعُ، ورَواه الحَسَنُ عن أبي حَنيفةَ؛ لأنَّ الفَرضَ أقوى، فتَندَفِعُ نيَّةُ الأدنى كمَن نَوى حَجَّةَ الإسلامِ والتَّطوُّعَ (١).

وذهَب المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ إلى جَوازِ التَّشريكِ والجَمعِ بينَ نيَّةِ القَضاءِ ونيَّةِ التَّطوُّعِ كصيامِ السِّتِّ بنيَّةِ قَضاءِ الدَّينِ وتَحصيلِ ثَوابِ النَّفلِ.

قال الإمامُ الزَّرقانيُّ : (فائِدةٌ) قال البَدرُ: انظُرْ لو صامَ يَومَ عَرفةَ عن قَضاءٍ عليه ونَوى به القَضاءَ وعَرفةَ معًا فالظاهِرُ أنَّه يُجزِئُ عنهما معًا قياسًا على مَنْ نَوى بغُسلِه الجَنابةَ والجُمُعةَ؛ فإنَّه يُجزِئُ عنهما معًا وقياسًا


(١) «البحر الرائق» (٢/ ٣٩)، و «الأشباه والنظائر» لابن نجيم ص (٤١)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ١٨)، وعلى هذا الخِلافُ في أغلَبِ الأحكامِ، مِثلَ مَنْ أخرَج الزَّكاةَ يَنوي بها الفَرضَ والتَّطوُّعَ، قال الكاسانِيُّ : ولو تَصدَّقَ بخَمسةٍ يَنوي بجَميعِها الزَّكاةَ والتَّطوُّعَ كانت من الزَّكاةِ في قَولِ أبي يُوسُفَ.
وقال مُحمدٌ: هي مِنَ التَّطوُّعِ.
وَجهُ قَولِ مُحمدٍ أنَّ النِّيَّتَيْن تعارَضَتا فلم يَصحَّ التَّعيينُ لِلتَّعارُضِ فالتحَق بالعَدمِ فبَقيَ التَّصدُّقُ بنيَّةٍ مُطلَقةٍ فيَقعُ عن التَّطوُّعِ لأنَّه أدْنى، والأدْنى مُتيقَّنٌ به.
وَجهُ قَولِ أبي يُوسُفَ أنَّه عندَ تَعارُضِ الجِهتَيْن يُعمَلُ بالأقوى، وهو الفَرضُ كما في تَعارُضِ الدَّليلَيْن أنَّه يُعمَلُ بأقواهما، ولأنَّ التَّعيينَ يُعتبَرُ في الزَّكاةِ لا في التَّطوُّعِ لأنَّ التَّطوُّعَ لا يَحتاجُ إلى التَّعيينِ، ألَا تَرى أنَّ إطلاقَ الصَّدقةِ يَقعُ عليه فألْغَى تَعيينَه وبَقيَت الزَّكاةُ مُتعيَّنةً فيَقعُ عن الزَّكاةِ. «بدائع الصنائع» (٢/ ٤٠) ط: دار الكِتاب العربي.

<<  <  ج: ص:  >  >>