الفَورِ؛ لأنَّها عِبادةٌ تَتعلَّقُ بوَقتٍ مُوسَّعٍ فجازَ التَّطوُّعُ في وَقتِها قبلَ فِعلِها كالصَّلاةِ يَتطوَّعُ في أولِ وَقتِها.
قال الإمامُ الكاسانيُّ ﵀: قال أصحابُنا: لا يُكرَهُ لِمَنْ عليه قَضاءُ رَمضانَ أنْ يَتطوَّعَ، ولو كان الوُجوبُ على الفَورِ لَكُرِه له التَّطوُّعُ قبلَ القَضاءِ؛ لأنَّه يَكونُ تأخيرًا لِلواجِبِ عن وَقتِه المُضيَّقِ وهو مَكروهٌ (١).
وذهَب المالِكيَّةُ في الراجِحِ عندَهم والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّه يُكرَهُ التَّطوُّعُ قبلَ قَضاءِ ما عليه من رَمضانَ.
قال ابنُ رُشدٍ ﵀: مَسألةٌ: وسُئِلَ مالِكٌ عن الرَّجلِ يَكونُ عليه قَضاءُ رَمضانَ، أيَصومُ يَومَ عاشُوراءَ قبلَ قَضاءِ رَمضانَ؟ قال: ما يُعجِبُني ذلك، وعَسى به أنْ يَكونَ خَفيفًا؛ قيلَ له: أفيَصومُه في قَضاءِ رَمضانَ؟ قال: لا بأسَ به.
قال مُحمدُ بنُ رُشدٍ: قَولُه ما يُعجِبُني، وعَسى به أنْ يَكونَ خَفيفًا؛ مَعناه أنِّي أكرَهُ ذلك كَراهيةً خَفيفةً، وكَراهيَتُه له أنْ يَصومَه تَطوُّعًا، يَقتَضي أنَّ المُستحَبَّ عندَه أنْ يَصومَه في قَضاءِ ما عليه من رَمضانَ؛ وقَولُه بعدَ ذلك: لا بأسَ أنْ يَصومَه في قَضاءِ رَمضانَ مُخالِفٌ لذلك؛ إذْ لا يُقالُ في الشَّيءِ المُستحَبِّ فِعلُه: لا بأسَ أنْ يَفعَلَ، وإنَّما يُقالُ ذلك في المُباحِ الذي فِعلُه وتَركُه سَواءٌ؛ وفي سَماعِ ابنِ وَهبٍ، قيلَ له: أفيَصومُه في قَضاءِ رَمضانَ؟ قال: لا.
(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٠٤)، و «البحر الرائق» (٢/ ٣٠٧)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٤٢٣)، «المغني» (٤/ ٢٠٩)، و «الفروع» (٣/ ٩٦)، و «المبدع» (٣/ ٥٧)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣٨٦).