للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّهم قد اختَلفُوا فيما عليهما لو أفطَرا:

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يَلزمُه الفِديةُ، وهي مُدٌّ مِنْ طَعامٍ لكلِّ يَومٍ، لِقَولِ ابنِ عَباسٍ المُتقدِّمِ.

ولِما رُوي أنَّ أنَسًا : «ضَعُفَ عن الصَّوْمِ سَنَةً قبلَ مَوْتِهِ فَأَفْطَرَ وَأَطْعَمَ عن كلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» (١)، ولأنَّ أداءَ الصَّومِ واجِبٌ، فجازَ أنْ يَسقُطُ إلى الكَفَّارةِ.

قال الكاسانيُّ : ولأنَّ الصَّومَ لَمَّا فاتَه مَسَّت الحاجةُ إلى الجابِرِ، وتَعذَّر جَبرُه بالصَّومِ فيُجبَرُ بالفِديةِ وتُجعَلُ الفِديةُ مَثلًا لِلصَّومِ شَرعًا في هذه الحالةِ لِلضَّرورةِ كالقيمةِ في ضَمانِ المُتلَفاتِ (٢).

وذهَب المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ في قَولٍ إلى عَدمِ وُجوبِ الفِديةِ؛ لأنَّه مُفطِرٌ بعُذرٍ، فلم يَلزمْه إطعامٌ، كالمَريضِ والمُكرَهِ، ولأنَّه مُفطِرٌ لا يَلزمُه القَضاءُ، فلم يَلزمْه إطعامٌ كالطِّفلِ، ولأنَّ القَضاءَ إذا لم يَكُنْ لِاتِّصالِ العُذرِ، لا يَجِبُ بفَواتِه إطعامٌ، كالمَريضِ إذا اتَّصل به المَرضُ إلى أنْ مات، ولأنَّ الإطعامَ في الأُصولِ يَجِبُ في الصِّيامِ لِتأخُّرِ الصَّومِ، أو القَضاءِ، فأمَّا لِسُقوطِه جُملةً فليس في الأُصولِ كالطِّفلِ (٣).


(١) رواه الطحاوي في «شرح المشكل» (٦/ ١٨٨)، والطبراني في «الكبير» (١/ ٢٤٢)، والدارقطني (٢/ ٢٠٧)، وقال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ١٦٤): ورِجالُه رِجالُ الصَّحيحِ.
(٢) «البدائع» (٢/ ٦٣٨).
(٣) «البدائع» (٢/ ٦٣٨)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ٣٥٦، ٣٥٧)، و «الإشراف» (٢٠٤/ ٢٠٥)، و «شرح مختصر خليل للخرشي» (٢/ ٢٤٢)، و «المجموع» (٧/ ٤٢١/ ٤٢٥)، و «المغنى» (٤/ ٢٠٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٤٧٥)، و «الإنصاف» (٣/ ٢٨٤)، و «الإفصاح» (١٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>