للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨].

ولِقَولِه ﷿: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦].

ولِقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]؛ فقد قيل في بَعضِ وُجوهِ التَّأويلِ: إنَّ: «لا» مُضمَرةٌ في الآيةِ، والمَعنى: وعلى الذين لا يُطيقُونَه، كما في قَولِه تَعالى: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء: ١٧٦]، أي: ألا تَضِلُّوا (١).

وعن عَطاءٍ أنَّه سَمِعَ ابنَ عَباسٍ يَقرأُ هذه الآيةَ فقال ابنُ عَباسٍ: «لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، هو الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» (٢).

والآيةُ في مَحلِّ الاستِدلالِ، حتى على القَولِ بنَسخِها كما ذهَب إليه الجُمهورُ؛ لأنَّهما إنْ ورَدت في الشَّيخِ الفاني، كما ذهَب إليه بَعضُ السَّلفِ، فظاهِرٌ، وإنْ ورَدت لِلتَّخييرِ فكذلك؛ لأنَّ النَّسخَ إنَّما يَثبُتُ في حَقِّ القادِرِ على الصَّومِ، فبَقيَ الشَّيخُ الفاني على حالِه كما كان (٣).

إلا أنَّ الحَنفيَّةَ قَيَّدوا عَجزَ الشَّيخوخةِ والهَرمِ، بأنْ يَكونَ مُستمِرًّا، فلو لم يَقدِرْ على الصَّومِ لِشِدَّةِ الحَرِّ مَثلًا، كان لهما أنْ يُفطِرا ويَقضياه في الشِّتاءِ (٤).


(١) «البدائع» (٢/ ٦٣٨).
(٢) أخرجة البخاري (٤٢٣٥).
(٣) «العناية» للبابرتي على «الهداية بهامش فتح القدير» (٢/ ٢٧٧).
(٤) «حاشية الطحطاوي» (١/ ٤٥٣)، و «رد المحتار» (٢/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>