للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقُلتُ له: سُنَّةٌ؟ قال: سُنَّةٌ، ثُمَّ رَكِبَ» (١). قال التِّرمذيُّ: هذا حَديثٌ حَسَنٌ.

ولنا: قَولُ اللهِ تَعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥]. وهذا شاهِدٌ ولا يُوصَفُ بكَونِه مُسافِرًا حتى يَخرُجَ من البَلدِ، ومهما كان في البَلدِ فله أحكامُ الحاضِرين، ولذلك لا يَقصُرُ الصَّلاةَ، وأمَّا أنَسٌ فيَحتمِلُ أنَّه كان قد برَز من البَلدِ خارِجًا منه، فأتاه مُحمدُ بنُ كَعبٍ في مَنزِلِه ذلك (٢).

وقال التِّرمذيُّ بعدَ أنْ ذكَر هذا الحَديثَ: وقد ذهَب بَعضُ أهلِ العِلمِ إلى هذا الحَديثِ وقالوا: لِلمُسافِرِ أنْ يُفطِرَ في بَيتِه قبلَ أنْ يَخرُجَ وليس له أنْ يَقصُرَ الصَّلاةَ حتى يَخرُجَ من جِدارِ المَدينةِ أو القَريةِ، وهو قَولُ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ الحَنظَليِّ (٣).

وقال الإمامُ البَغَويُّ : وقال الحَسَنُ: إذا أصبَح المُقيمُ على نيَّةِ السَّفرِ في يَومِه، جازَ له أنْ يُفطِرَ في بَيتِه، وبه قال إسحاقُ، ويُروى ذلك عن أنسِ بنِ مالِكٍ أنَّه كان يُريدُ سَفرًا، وقد رُحِّلت له راحِلتُه، ولَبِس ثيابَ السَّفرِ، فدَعا بطَعامٍ، فأكَل، فقيلَ له: سُنَّةٌ؟ قال: سُنَّةٌ، ثم رَكِب. وأكثَرُ أهلِ العِلمِ على أنَّه إذا طلَع الفَجرُ قبلَ أنْ يَخرُجَ، فعليه أنْ يَصومَ ذلك اليَومَ.

وأجمَعوا على أنَّه لا يَجوزُ له القَصرُ ما لم يَخرُجْ عن البَلدِ (٤).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: أَخرَجه الترمذي (٧٩٩).
(٢) «المغني» (٤/ ١٤٢).
(٣) «سنن الترمذي» (٣/ ١٦٣).
(٤) «شرح السُّنَّة» (٦/ ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>