للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُخالِفُهما في التَّحريمِ إذا تَعلَّق ذلك بالأجنبيَّةِ أو الكَراهةِ إنْ كان في زَوجةٍ فيَبقَى على الكَراهةِ.

ونقَل الإمامُ النَّوَويُّ عن صاحِبِ الحاوي «الماوَرديِّ» قَولَه: أمَّا إذا فكَّر بقَلبِه من غَيرِ نَظرٍ فتَلذَّذ فأنزَلَ، فلا قَضاءَ عليه، ولا كَفَّارةَ بالإجماعِ، قال: وإذا كرَّر النَّظرَ فأنزَل أثِمَ، وإنْ لم يَجِبِ القَضاءُ (١).

وذهَب المالِكيَّةُ وأبو حَفصٍ البَرمَكيُّ وهو اختيارُ ابنِ عَقيلٍ من الحَنابِلةِ إلى أنَّ مَنْ فكَّر فأنزَل فسَد صَومُه ويَجِبُ عليه القَضاءُ؛ لأنَّ الفِكرةَ تُستحضَرُ، فتَدخُلُ تحتَ الاختيارِ، بدَليلِ تأثيمِ صاحبِها في مُساكَنتِها في بِدعةٍ أو كُفرٍ، ومَدَح اللهُ الذين يَتفكَّرون في خَلقِ السَّمواتِ والأرضِ، ونَهى النَّبيَّ عن التَّفكُّرِ في ذاتِ اللهِ، وأمَرَ بالتَّفكُّرِ في آلائِه، ولو كان غَيرَ مَقدورٍ عليها لم يَتعلَّقْ ذلك بها، كالاحتِلامِ (٢).

وحاصِلُ مَذهَبِ المالِكيَّةِ أنَّه إنْ أمْنَى بمُجرَّدِ الفِكرِ أو النَّظرِ من غَيرِ استِدامةٍ لهما فلا كَفَّارةَ قَطعًا، ويَجِبُ عليه القَضاءُ إلا أنْ يَكونَ ذلك غَلبةً ويَعسُرَ عليه فلا قَضاءَ أيضًا لِلمَشقَّةِ، وإنِ استَدامَهما حتى أنزَل؛ فإنْ كانت عادَتُه الإنزالَ بهما عندَ الاستِدامةِ فالكَفَّارةُ قَطعًا، وإنْ كانت عادَتُه عَدَمَ الإنزالِ بهما عندَ الاستِدامةِ فخالَفَ عادَتَه وأمْنى فقَولانِ أظهَرُهما سُقوطُ الكَفَّارةِ (٣).


(١) «المجموع» (٧/ ٥٣٢)، ويُنظَر: «شرح فتح القدير» (٢/ ٣٢٩، ٣٣٠)، و «المغني» (٤/ ١٦٩)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٠٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٢/ ١٩٤).
(٢) «الشرح الصغير» (١/ ٤٥٧)، و «المغني» (٤/ ١٦٩)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٠٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٢/ ١٩٤).
(٣) «التاج والإكليل» (٤/ ٤٠)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٢٥٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ١٥٩)، و «تحبير المختصر» (١/ ٦٥٧)، و «شرح الزرقاني» (٢/ ٣٦٩)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>