للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ كلَّ فِعلٍ لا يَصحُّ الصَّومُ مع شَيءٍ من جِنسِه عَمدًا على وَجهٍ، فلا يَصحُّ مع سَهوِه كتَركِ النيَّةِ.

وأمَّا وُجوبُ القَضاءِ عليه؛ فلأنَّه مُكلَّفٌ حصَل منه أكلٌ في رَمضانَ كالعامِدِ؛ ولأنَّه أكلَ في صَومٍ مُفترَضٍ، لا يَسقُطُ بالمَرضِ كالمَريضِ.

ولأنَّ القَضاءَ إذا وجَب على المَريضِ مع كَونِه أعذَرَ من الناسي، كان بأنْ يَجِبَ على الناسي أوْلى.

وهذا كلُّه في الفَرضِ، أمَّا لو أكلَ أو شَرِب ناسيًا في التَّطوُّعِ فصَومُه صَحيحٌ؛ لأنَّ الأكلَ في التَّطوُّعِ لا يُبطِلُه.

قال الإمامُ مالِكٌ : مَنْ أكلَ أو شَرِب ساهيًا أو ناسيًا في صيامِ تَطوُّعٍ فليس عليه قَضاءٌ، وليُتِمَّ يَومَه الذي أكلَ فيه أو شَرِب وهو مُتطوِّعٌ ولا يُفطِرْه (١).

قال الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : قال ابنُ العَربيِّ: تَمسَّك جَميعُ فُقهاءِ الأمصارِ بظاهِرِ هذا الحَديثِ -أي: حَديثِ «فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ» - وتَطلَّع مالِكٌ إلى المَسألةِ من طَريقِها، فأشرَف عليه؛ لأنَّ الفِطرَ ضدُّ الصَّومِ والإمساكَ رُكنُ الصَّومِ، فأشبَهَ ما لو نَسيَ رَكعةً من الصَّلاةِ، قال: وقد رَوى الدارَقُطنيُّ فيه: «لا قَضاءَ عليكَ» فتأوَّله عُلماؤُنا على أنَّ مَعناه: لا قَضاءَ عليكَ الآنَ.


(١) «الموطأ» (١/ ٣٠٦)، و «الإشراف» (٢٠٢)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٥٧)، و «شرح الزرقاني» (٢/ ٢٥٣)، و «المغني» (٤/ ١٧١)، و «الإفصاح» (١/ ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>