للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراويَ كان يَرى أنَّ الكَفَّارةَ كانت لِمَوضِعِ الإفطارِ، ولولا ذلك لَمَا عَبَّر بهذا اللَّفظِ، ولَذَكر النَّوعَ من الفِطرِ الذي أفطَر به (١).

إلا أنَّ الحَنفيَّةَ قالوا: إنَّما تَجِبُ عليه الكَفَّارةُ إذا نَوى الصِّيامَ ثم أفطَر، أمَّا مَنْ أصبَح من رَمضانَ لا يَنوي الصَّومَ فأكَل أو شَرِب أو جامَع فعليه قَضاءُ ذلك اليَومِ ولا كَفَّارةَ عليه (٢).

قال الإمامُ السَّرخَسيُّ : (وكذلك إنْ أكَل أو شَرِب مُتعمِّدًا فعليه القَضاءُ والكَفَّارةُ عندَنا)، وعندَ الشافِعيِّ : لا كَفَّارةَ عليه؛ لأنَّ سَببَ وُجوبِ الكَفَّارةِ بالنَّصِّ المُواقَعةِ المُعدِمةِ لِلصَّومِ فلو أوجَب بالأكلِ كان بالقياسِ على المُواقَعةِ ولا مَدخَلَ لِلقياسِ في الكَفَّارةِ ألَا تَرى أنَّه لا تُقاسُ دَواعي الجِماعِ على الجِماعِ فيه، ولأنَّ الحُرمةَ تارةً تَكونُ لِأجلِ العِبادةِ، وتارةً لِعَدمِ المِلكِ، ثم ما يَتعلَّقُ بالأكلِ لا يَتعلَّقُ بالمُواقَعةِ متى كانت الحُرمةُ لِعَدمِ المِلكِ، فكذلك العِبادةُ، واستدَلَّ بالحَجِّ؛ فإنَّ ما يَتعلَّقُ بالمُواقَعةِ فيه، وهو فَسادُ النُّسُكِ لا يَتعلَّقُ بسائِرِ المَحظوراتِ، فكذلك الصَّومُ، والجامِعُ أنَّ هذه عِبادةٌ لِلكَفَّارةِ العُظمى فيها فتَختَصُّ بالمُواقَعةِ.


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٤١٤، ٤١٥)، وانظر: «بدائع الصنائع» (٢/ ٦٣٩) وما بعدها، و «المبسوط» (٣/ ٧٣)، و «الاختيار» (١/ ١٦٦)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ٣٣٥، ٣٣٦)، و «الإشراف» (٢٠٠، ٢٠١)، و «مختصر القدوري» (٦٣)، و «شرح الزرقاني» (٢/ ٢٢٩)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٥٧)، و «المجموع» (٧/ ٤٥٤، ٥٤٧)، و «المغني» (٤/ ١٧٠)، و «الإفصاح» (١/ ٣٩٦)، و «شرح السُّنَّة» (٦/ ٢٨٩).
(٢) «البدائع» (٢/ ٦٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>